جبل الطويل حين سأل رسول الله عن عمل يقربه من الجنة ويبعده عن النار؛ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نهاية الحديث:"ألا أدلك على رأسِ الأمرِ وعمودِه وذِروةِ سِنَامِه"، ثم قال:"هل أدلك على ملاك ذلك كلِّه"، قال: نعم، قال:"أمسك عليك هذا"، وأمسك بلسان نفسه، فقال معاذ: أوَمؤاخذونَ نحنُ بما نتكلمُ فيه؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهل يَكُبُّ الناس على وجوههم في النار إلا حصادُ ألسنتهم"(١).
وهل يجرُّ لسانك عليك إلا كُلَّ شر، فأنت إن تركته أهلكك: كذب .. غيبة .. نميمة .. بهتان .. رياء .. عجيب .. احتقار .. زنا .. اللَّهم إنا نعوذ بك من شرور ألسنتنا. ومن مآسي اللسان في عصرنا:
(١) مأساة التليفونات:
لا شك أن ثورة الاتصالات التي حدثت في عصرنا لها فوائد ونفع الله بها المسلمين في جوانب، وخدمت الدعوة الإِسلامية في نواح متعددة؛ لكن مأساة التليفونات في عصرنا عجيبة، ولابد لها من وقفة شرعية أيها الإخوة، فأكثر الناس في هذه الأيام يحمل أكثر من تليفون في جيوبه، والسؤال لك أيها المسلم الملتزم السُّني، يا طالب الآخرة، يا حريصًا على رضا الله، ماذا تصنع بهذا التليفون؟
دعونا من المراوغة وتعالوا نتكلم في الصميم، إن وجود التليفون في يد كثيرٍ من الناس مجرد منظرة مثل الناس، تقليدٌ أعمى، فليس صاحبنا رجل أعمالٍ خطير، ولا شخصية مهمة، ولا يمثل التليفون بالنسبة له أي
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٣١)، وصححه الألباني (٥١٣٦) في "صحيح الجامع".