للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإزاحة)) (١).

إذا علمنا هذه الحقائق، وأضفنا إليها حقيقة أن الفاصل الزمني بين أبي تمام وبين أبي العلاء هو مائتان وثمانية عشر عاما (٢١٨) (٢) أدركنا مدى التطور اللغوي الذي قد يصيب ألفاظ اللغة، ومدى سوء الفهم الذي قد يقع فيه قارئ ديوان أبي تمام بعد هذه الفترة التاريخية الكبيرة؛ لذلك وحرصا من أبي العلاء على الفهم الصحيح للديوان كان يقوم بالتحديد الدلالي للألفاظ المشروحة، وتتبع هذا التطور. وقد أحسن أبوالعلاء صنعا لأهل عصره، ومن أتى بعده لفهم الديوان. ولم يفتأ تلميذه التبريزي أن اقتفي أثره في هذا الأمر.

وقد نبه علماء التفسير على أهمية مراعاة التطور الدلالي للألفاظ بمرور الزمن؛ ((فإن كثيرا من الألفاظ كانت تستعمل في زمن التنزيل لمعان ثم غلبت على غيرها بعد ذلك بزمن قريب أو بعيد (...) فعلى المدقق أن يفسر القرآن بحسب المعاني التي كانت مستعملة في عصر نزوله)) (٣).


(١) د. عبد العزيز موافي: الرؤية والعبارة، مدخل إلى فهم الشعر، ص ٣٠٢
(٢) توفي أبوتمام سنة ٢٣١هـ، وتوفي أبوالعلاء سنة ٤٤٩هـ، ينظر ص ١٢، ٢٧
(٣) تفسير المنار، ١/ ٢٠، وقد نبه علماء الشريعة أيضا على أهمية الأساس اللغوي في فهم النصوص الشرعية، فهو: ((الأساس الأول في النص، وهوأساس عام لكل نص في كل لغة، فلا يتوقع فهم لمن لا يعرف لغة ما لنص مكتوب بها، فإذا أضفنا إلى ذلك ما تتميز به اللغة العربية من أساليب متعددة منها الحقيقة والمجاز، وما طرأ على المفردات اللغوية على سعتها من تغير في الدلالات، وما تتسع له اللغة من الاشتقاق، عرفنا كيف يخطئ في الفهم، ويقع في التناقض، من يجهل هذه الجوانب اللغوية في التعامل مع النصوص الواردة بها))، أسباب ورود الحديث، تحليل وتأسيس: د. محمد رأفت سعيد، ص ٣٤.

<<  <   >  >>