إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن مما نقله إلينا الأثبات، وما بلغنا عن صحابة رسول الله ﷺ الأبرار، ذلك الذي فعله الخليفة الراشد، عمر بن الخطاب ﵁ لما فتح الله على المسلمين أرض الشام، وسواد العراق، وأرض مصر، فراى ﵁ كما أشار عليه بعض الصحابة واجتمع عليه رأيهم فيما بعد، أن يوقِفَ ما أخذ عنوة من أرض الكفار على المسلمين، وألا يقسمه على الفاتحين، مراعياً ما فيه مصلحة المسلمين عامة، وأن يكون ذلك دافعاً للجهاد في سبيل الله، ومادة يتقوى بها المسلمون، لكي لا يركن الناس إلى الحرث والدنيا ويدعوا تبليغ هذا الدين، وغير ذلك من الحكم التي ترتبت على هذا الأمر.
وقد مضت السنة العمرية في الناس، وترتب عليها أحكام عظيمة منها الخراج ومصارفه، وأيضاً حكم بيع هذه الأرض، أو رهنها، أو وقفها، أو إحداث الكنائس فيها، وشراء الذمي لها، وغير ذلك من أحكام.
وتناول الفقهاء هذه المسائل بالإيضاح وشَملوها بالبيان والتفصيل، وقد كان ذلك في أماكن متفرقة من كتبهم، مما يدل على ذلك مثلاً لو نظرنا إلى كتاب المغني نجد أن هذه الأمور متفرقة في الأبواب التالية:
١ - كتاب الزكاة، باب زكاة الزروع والثمار، ٢ - كتاب الجهاد، باب حكم الأرضين المغنومة ٣ - كتاب البيع، بيع ما لا يملك ٤ - كتاب الوقف.
وقد يسر الله الوقوف على كتاب للشيخ مرعي الكرمي ﵀، شيخ الحنابلة في عصره، المتوفى سنة ١٠٣٣ هـ،