للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض - حيث قيل بعدم صحتها - كيف ساغ للمفتين، والحكام [الحكم] (١)، بصحة الإجارة الصادرة من الناظر، مع [أن] (٢) كونه ناظراً لم يصح، لعدم صحة الوقف، ولو طولبوا برفع هذا الإشكال ووجه تصحيح فتاويهم وأحكامهم لما أمكنهم.

والجواب بعد إمعان النظر، وإعمال الفكر، كما يؤخذ بالاستنباط مما تقدم، أن غاية الأمر، أن هذه الأوقاف أراضي أفرزت من بيت المال على مستحقيها، كما أفتى بذلك علماء المذاهب السالفة (٣). ولا شك أن للسلطان، أو نائبه المفوض إليه التصرف في ذلك، أن يقيم وكيلاً في التصرف عنه في ذلك، كما في بقية الأحكام والتصرفات المتعلقة ببيت المال، وهذا بلا شك من هذا القبيل، وحينئذ فلا ريب في صحة تصرف هذا الناظر المنصوب وكيلاً عمن له ولاية التصرف. فتأمل ذلك فإنه في غاية التحقيق.

وأما إقطاعها، فهو حكم بيعها، فيصح من الإمام أن يقطع منها من شاء للمصلحة تمليكاً،


(١) "الحكم" سقطت من النسخة (أ)، والمثبت من (ب).
(٢) "أن" سقطت من (أ).
(٣) انظر: قلائد العقيان في فضائل آل عثمان (ص: ١٠٧ - ١٠٨)
رأيت أن أنقل كلام المؤلف في كتابه "قلائد العقيان .. " هنا لأنه زيادة في البيان قال: " … إنما هي من بيت مال المسلمين وليست بأوقاف حقيقية بل صورية؛ لأن الأرض على مذهب الحنابلة والمالكية قد وقفت على المسلمين من زمن الفتح العمري، فتح الإمام عمر بن الخطاب كما نقله العلماء الأعلام … ومذهب الحنفية والشافعية أنها لم توقف زمن عمر بن الخطاب لكنها لبيت المال مرصدة على مصالح المسلمين، وعلى كل تقدير فوقف الملوك والسلاطين لهذه الأراضي لم يصح؛ لأن المالكي والحنبلي يقول الموقوف لا يوقف، وهذه موقوفة من قبل الآن من زمن عمر بن الخطاب، والحنفي والشافعي يقول من شرط صحة الوقف أن يكون ملكاً لواقفه، والأرض المذكورة ليست ملكاً لأحد بل هي لعموم المسلمين السلطان كواحد منهم. ومن ثم قال المحققون من علماء الحنفية وغيرهم إن شروط الواقفين من الأمراء والسلاطين لا يجب العمل بها … وقد صرح كثير من أئمتنا كالمرحوم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: أن ما يأخذ الفقهاء من هذه الأوقاف فهو كرزق من بيت المال، للإعانة على الطاعة والعلم لا أنه كجعل وأجرة … " انظر: (ص: ١٠٥ - ١٠٦) ..

<<  <   >  >>