للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفيته، وهذه الأرض كلها وقف على ما مرّ بيانه (١). وقال الإمام أحمد (٢): "القطايع ترجع إلى الأصل إذا جعلها للمساكين". فظاهره أنه يصح وقفها، وهي في الأصل وقف، لكن قال غير واحد من المحققين (٣)، معناه أن وقفها يطابق الأصل، لأنها تصير وقفاً بهذا القول. فظهر مما قررناه (٤) أن هذه الأوقاف التي صدرت بأراضي نحو مصر من الواقفين، بعد الإمام عمر (٥) كلها باطلة إن لم يحكم بالوقف حاكم يراه، وأن للإمام إبطالها، وإدخالها (٦) بيت المال، مراعياً في ذلك المصلحة، وإيصال كل ذي حق منهم (٧) حقه، وإلا منع، كمنعه من صرف (٨) بيت المال فيما لا مصلحة فيه، حتى ما وقف على المدارس وغيرها، غير أن الموقوف عليها وعلى الفقهاء قد طابق الأصل، على ما مرّ من كلام الإمام أحمد، ولذلك قال الأئمة: إنه يجوز للفقهاء أكل وظايف هذه المدارس، وإن لم يباشروا التدريس فيها (٩). وقد بلغني أن بعض الجهلة المعاندين، أنكر ذلك على الجلال السيوطي (١٠)، (١١)، ولا عبرة بإنكاره، فقد نص غير واحد على جواز ذلك، وهذا


(١) انظر: ص ٧٢ من هذا الكتاب.
(٢) حكي في المغني (٥/ ٢٣٣)، والمبدع (٥/ ٣٢٦).
(٣) انظر: المغني (٨/ ٢٣٣)، والمبدع (٥/ ٣١٦)، وقال: "قاله في الشرح".
(٤) سقط من نسخة (ب) قوله: "قررناه".
(٥) وفي النسخة (ب) إضافة " ".
(٦) وفي النسخة (ب) إضافة "في".
(٧) وفي النسخة (ب) "منه"، وهو خطأ ظاهر.
(٨) وفي (ب) "صرفه"، وهو خطأ ظاهر.
(٩) انظر: البحر الرائق (٥/ ٢٤٧)، رد المحتار (٦/ ٣٠٠)، حواشي الشرواني (٦/ ٣٧٤)، الشرح الكبير للدردير (٤/ ٩١)، حاشية الصاوي (٩/ ١٨١)، مطالب أولي النهى (٤/ ٣٣٥) وغاية المنتهى (٢/ ٢٢).
(١٠) هو الحافظ جلال الدين، أبو الفضل، عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري السيوطي الشافعي، صاحب المؤلفات النافعة القائمة، ولد في رجب سنة ٨٤٩ هـ، ونشأ يتيما منذ الصغر بالقاهرة، انقطع للعبادة والاشتغال بالعلم والتأليف بعد أن بلغ الأربعين إلى أن مات، توفي سنة ٩١١ هـ، من مصنفاته: "الإتقان في علوم القرآن" و"الأشباه والنظائر" و"تفسير الجلالين" وغيرها.
انظر: شذرات الذهب لابن العماد (٨/ ٥١)، والأعلام اللزركلي (٣/ ٣٠١).
(١١) ألف السيوطي كتاباً في هذه المسألة وسماه "النقل المستور في جواز قبض معلوم الوظائف بلا حضور". ذكره صاحب حاشية رد المحتار (٦/ ٣٠١) وعنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد (ص: ٢٥٩). ولم أجده بين مؤلفات السيوطي

<<  <   >  >>