للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقف جائز (١)، حتى قال جابر : "لم يكن أحد من أصحاب النبي ذو مقدرة إلا وقف" (٢). ولم يره شريح (٣)، وقال: "لا حبس عن فرائض الله" (٤)، قال الإمام أحمد: "هذا مذهب أهل الكوفة" (٥). ومن ذلك الإجارة الثابتة بنص القرآن في قصة موسى ، مع أنه خالف في صحتها بعض المجتهدين (٦). وتتبع مثل هذا [مما] (٧) يطول، وبالجملة فكلام الزاعم مما يرمى به خلف، والناس ألف منهم كواحد، وواحد كألف. إذا تقرر ذلك/ فهذا أوان الشروع في المراد، وعلى الله الهداية لسبيل الرشاد، واعلم -وفقك الله تعالى- أن الكلام على هذه المسألة يشتمل على ثلاثة أبواب: الباب الأول: في إثبات وقف الأرض التي افتتحها عمر ، وما السبب في ذلك؛ الباب الثاني: في بيان أنواعها؛ الباب الثالث: في بيان حكمها، ومعرفة ذلك أمر مهم.


(١) انظر: سنن الترمذي: كتاب الأحكام عن رسول الله ، باب الوقف (١٧٩١)، والمغني (٨/ ١٨٥)، ونيل الأوطار (٦/ ٢٤).
(٢) لم أجد هذا الأثر مروياً في كتب السنن والآثار، وإنما ذكره ابن قدامة في المغني ونسبه إلى جابر . انظر: المغني (٨/ ١٨٥).
(٣) هو: الفقيه أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، قاضي الكوفة، ويقال: شريح ابن شراحيل. يقال له صحبة، ولم يصح، بل هو ممن أسلم في حياة النبي ، وانتقل من اليمن زمن الصديق، فهو من كبار التابعين، وهو نزر الحديث، وثقه يحيى بن معين وغيره، ولي القضاء في زمن عمر، وعثمان، وعلي ، قال ابن سيرين: "أدركت الكوفة وبها أربعة ممن يعد بالفقه … وذكر منهم شريح"، وقال الشعبي: كان شريح أعلمهم بالقضاء، توفي سنة ٧٨ هـ، وقيل ٨٠ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ١٠٠)، ووفيات الأعيان (٢/ ٤٦٢)، والأعلام للزركلي (٣/ ١٦١).
(٤) انظر قول شريح في: أخبار القضاة لوكيع (٤١٨)، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي (٩/ ٤٤)، والمغني (٨/ ١٨٥).
(٥) حكي في المغني (٨/ ١٨٥).
(٦) انظر: الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان (٢/ ١٥٩)، المغني (٨/ ٦).
(٧) قوله (مما). سقط من نسخة (ب).

<<  <   >  >>