للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحيح من المذهب أنها لا تصح (١)، وعلل أصحابنا - كالمالكيّة - ذلك بفتحها عنوة". قال القرافي (٢): "والقول بأن الدور وقف، إنما يتناول التي صادفها الفتح، أمّا إذا انهدمت، وبنى أهل الإسلام دوراً غير دور الكفر،/ فهذه الأبنية لا تكون وقفاً إجماعاً، وحيث قال مالك: لا تكرى (٣) دور مكة يريد ما كان في زمانه باقياً من دور الكفار". انتهى

وعندي: إنما المنع من ذلك لقوله تعالى: ﴿وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ (٤) فالعاكف المقيم فيه، والبادي الطارئ عليه من غير أهله، فيستويان في سكنى مكة، والنزول بها فليس أحدهما أحق بالمنزل يكون [فيه] (٥) من الآخر، غير أنه لا يخرج أحد من بيته. وهذا قول قتادة (٦)، وسعيد بن جبير (٧)، وابن عباس (٨)، ومذهب هؤلاء كما


(١) انظر: الإنصاف (١١/ ٧٢)، وكشاف القناع (٣/ ١٨٣ - ١٨٤).
(٢) الفروق للقرافي (٤/ ١١).
(٣) وفي النسخة (ب) لا يكرى، والمثبت أصح لموافقته ما في الفروق.
(٤) سورة الحج، آية (٢٥).
(٥) (فيه) ساقطة من (أ)، والمثبت من (ب).
(٦) حكاه البغوي في تفسيره (٣/ ٢٨٢)،
وقتادة هو: قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري، أبو الخطاب، ولد سنة ٦١ هـ، وقال عنه ابن سيرين: قتادة هو أحفظ الناس، وصفه أحمد بن حنبل بالحفظ، والفقه ومعرفته بالاختلاف، والتفسير، وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيره، توفي بواسط سنة ١١٧ هـ وقيل ١١٨ هـ.
انظر: تهذيب التهذيب (٨/ ٣٠٦)، والتاريخ الكبير (٧/ ١٨٥)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٢٦٩).
(٧) حكاه البغوي في تفسيره (٣/ ٢٨٢).
وسعيد بن جبير هو: سعيد بن جبير بن هشام الوالبي مولاهم، الكوفي، أبو محمد الفقيه، المحدث، مفتي أصل الكوفة، وهو من التابعين، قال عنه أبو القاسم الطبري هو ثقة إمام حجة على المسلمين، قتله الحجاج صبراً سنة ٥٩ هـ.
انظر: تهذيب التهذيب (٤/ ١٠)، طبقات الحفاظ (٣٨)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٢١).
(٨) حكاه البغوي في تفسيره (٣/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>