للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باليوم الآخر فيستحق الثواب، وإلا كان من أهل الوعيد يخلد في العذاب هذا إذا قامت عليه الحجة بالرسل (١) اهـ.

قلت: انظر -رحمك الله- أن النجاة لا تتحقق إلا بالأصول الثلاث: إفراد الله بالعبادة. والتأله والإيمان بالرسل واليوم الآخر مع العمل الصالح وإلا كان من أهل الوعيد إلا أنه لا يخلد في الآخرة في النار إلا بعد قيام الحجة الرسالية وهذا ما سبق الحديث عنه كثيراً بفضل الله وحده أنه لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة، والإسلام هو: إفراد الله بالوحدانية والتأله والكفر بما يعبد من دونه فمن لم يأت بهذا القدر فهو من المشركين ولا عذر له بالجهل والتأويل إلا أنه لا يعذب في الدارين إلا بعد قيام الحجة الرسالية.

قال ابن تيمية: فإخلاص الدين له والعدل واجب مطلقاً في كل حال، وفي كل شرع: فعلى العبد أن يعبد الله مخلصاً له الدين ويدعوه مخلصاً له لا يسقط هذا عنه بحال ولا يدخل الجنة إلا أهل التوحيد وهم أهل "لا إله إلا الله"- فهذا حق الله على كل عبد من عباده كما في الصحيحين من حديث معاذ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حقه عليهم أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً". الحديث. فلا ينجون من عذاب الله إلا من أخلص لله دينه وعبادته ودعاه مخلصاً له الدين، ومن لم يشرك به ولم يعبده فهو معطل عن عبادته وعبادة غيره كفرعون وأمثاله فهو أسوأ حالاً من المشرك فلا بد من عبادة الله وحده وهذا واجب على كل أحد فلا يسقط عن أحد البتة، وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله ديناً غيره، ولكن لا يعذب الله أحداً حتى يبعث إليه رسولاً وكما أنه لا يعذبه فلا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة مؤمنة، ولا يدخلها مشرك ولا مستكبر عن عبادة ربه، فمن لم تبلغه الدعوة في الدنيا امتحن في الآخرة ولا يدخل النار إلا من اتبع الشيطان، فمن لا ذنب له لا يدخل النار ولا يعذب الله بالنار أحداً إلا بعد أن يبعث إليه رسولاً فمن لم تبلغه دعوة رسول إليه كالصغير والمجنون والميت في الفترة المحضة فهذا يمتحن في الآخرة كما جاءت بذلك الآثار (٢) اهـ.

قلت: فهذا بفضل الله بيّن واضح في كلام الشيخ -رحمه الله تعالى- أن النجاة في الآخرة


(١) جـ: ٩ ص: ٣٥: ٣٨ لمجموع الفتاوى.
(٢) جـ: ١٤ ص: ٤٧٦: ٤٧٧ لمجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>