لمن حقق الأصول الثلاثة: توحيد الله، والإيمان بالرسل، واليوم الآخر، مع العمل الصالح لقول الله -تعالى-: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ولقول نبيه صلى الله عليه وسلم: "لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة" فمن لم يأت بالتوحيد ووقع في الشرك فهو مشرك لا عذر له في إجراء الأحكام عليه في الدنيا لنقضه حجية الفطرة والميثاق والعقل إلا أنه لا يثبت له وصف الكفر المعذب عليه في الدنيا والآخرة إلا إذا قامت عليه الحجة الرسالية وإن كان فعل قبل الحجة ما يستوجب العذاب -وهذا من فضل الله ورحمته بعباده-.
قال ابن تيمية والأنبياء إنما بعثوا بالدعوة إلى الله وحده وقد يذكرون المعاد مجملا ومفصلاً والقصص قد يذكر بعضهم بعضاً مجملاً. وأما الإلهيات فهي الأصل ولا بد من تفصيل الأمر بعبادة الله وحده دون ما سواه فلا بد لكل نبي من الأصول الثلاثة الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح (١) اهـ.
وقال -رحمه الله- "وهو يتحدث عن الفلاسفة وأهل الكلام والقوانين التي وضعوها من المسائل والدلائل التي لا يدخل العبد في الإسلام ولا يحقق أصل الدين إلا بها في زعمهم". قال: فإذا تقلدوا عن طواغيتهم أن كل ما لم يحصل بهذه الطرق القياسية ليس بعلم وقد لا يحصل لكثير منهم. منها ما يستفيد به الإيمان الواجب فيكون كافراً زنديقاً منافقاً جاهلاً ضالاً مضلاً ظلوماً كفوراً ويكون من أكابر أعداء الرسل ومنافقي الملة من الذين قال الله فيهم:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ).
وقد يحصل لبعضهم إيمان ونفاق ويكون مرتداً إما عن أصل الدين أو بعض شرائعه إما ردة نفاق وإما ردة كفر، وهذا كثير غالب لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق فلهؤلاء من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال ما لا يتسع لذكره المقال.
وإذا كان في المقالات الخفيّة فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أنها من دين المسلمين. بل اليهود والنصارى والمشركون يعلمون أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- بعث بها وكفّر من خالفها مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سوى