للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله. من الملائكة والنبيين وغيرهم فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ومثل معاداة اليهود والنصارى والمشركين ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك. ثم تجد كثيراً من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، وإن كانوا قد يتوبون من ذلك ويعودون كرؤوس القبائل مثل: الأقرع وعيينة ونحوهم ممن ارتد عن الإسلام ثم دخل فيه. ففيهم من كان يتهم بالنفاق ومرض القلب وفيهم من لم يكن كذلك. فكثير من رؤوس هؤلاء هكذا تجده تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة وتارة يعود إليها (١) ولكن مع مرض في قلبه ونفاق، وقد يكون له حال ثالثة يغلب الإيمان فيها النفاق لكن قل أن يسلموا من نوع نفاق والحكايات عنهم بذلك مشهورة ...

وأبلغ من ذلك أن منهم من يصنف في دين المشركين والردة عن الإسلام كما صنف الرازي كتاب في عبادة الكواكب وأقام الأدلة على حسن ذلك ومنفعته ورغب فيه وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين وإن كان قد يكون عاد إلى الإسلام وجميع ما يأمرون به من العلوم والأعمال والأخلاق لا يكفي في النجاة من عذاب الله فضلاً أن يكون موصلاً لنعيم الآخرة قال الله -تعالى-: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ). الآيتين وقال -تعالى-: (فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ). إلى آخر السورة فأخبر هنا بمثل ما أخبر به في الأعراف وأن هؤلاء المعرضين عما جاءت به الرسل لما رأوا بأس الله وحدوا الله وتركوا الشرك فلم ينفعهم ذلك وكذلك أخبر عن فرعون وهو كافر بالتوحيد والرسالة أنا لما أدركه الغرق: (قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ). الآية. وقال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ). الآيتين. وهذا في القرآن في مواضع يبين أن الرسل أمروا بعبادة الله وحده لا شريك له ونهوا عن عبادة شيء من المخلوقات سواه وأن أهل السعادة هم أهل التوحيد وأن المشركين هم أهل الشقاوة، ويبين أن الذين لم يؤمنوا بالرسل مشركون، فعلم أن التوحيد والإيمان بالرسل متلازمان وكذلك الإيمان باليوم الآخر فالثلاثة متلازمة ولهذا يجمع بينهما في مثل قوله: (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ...

فقد تبين أن أصل السعادة والنجاة من العذاب هو توحيد الله بعبادته وحده لا شريك


(١) هكذا الأصل ولكن السياق يقتضي "إليه".

<<  <   >  >>