له والإيمان برسله واليوم الآخر والعمل الصالح وهذه الأمور ليست في حكمتهم ليس فيها الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والنهي عن عبادة المخلوقات. بل كل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم ينه عنه بل يقر هؤلاء وهؤلاء وإن رجح الموحدين ترجيحاً ما فقد يرجه غيره المشركين وقد يعرض عن الأمرين جميعاً.
فتدبر هذا فإنه نافع جداً وقد رأيت من مصنفاتهم في عبادة الكواكب والملائكة وعبادة الأنفس المفارقة أنفس الأنبياء وغيرهم ما هو أصل الشرك. وهم إذا ادعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول لا بالعبادة والعمل، والتوحيد الذي جاءت به الرسل لا بد فيه من التوحيد بإخلاص الدين لله وعبادته وحده لا شريك له وهذا شيء لا يعرفونه والتوحيد الذي يدعونه إنما هو تعطيل حقائق الأسماء والصفات وفيه من الكفر والضلال ما هو من أعظم أسباب الإشراك (١) اهـ.
قلت: فمن هذه النقول المستفيضة عن شيخ الإسلام نخرج بما يلي:
١ - أن التوحيد شرط في تحقيق الإسلام ولا يصح إسلام عبد إلا به.
٢ - أن المشرك في حاجة أن يعلم التوحيد حتى يدخل في الإسلام.
٣ - أن المشرك مبتدع في الدين مشرك برب العالمين متبع غير سبيل المؤمنين.
٤ - الإسلام هو الاستسلام لله وحده فمن عبد الله وعبد غيره لم يكن مسلماً وكذلك المستكبر عن عبادته.
٥ - الإقرار بلا التزام ليس بإسلام، إنما الإسلام الإقرار الإذعاني وهذا متفق عليه بين الصحابة والتابعين وأئمة السنة.
٦ - أن توحيد الإلهية هو الذي يفرق بين أهل التوحيد وأهل الشرك وإنما يصير الرجل مسلماً حنيفاً موحداً إذا ترك الشرك عمداً وعلى بصيرة وأفرد الله وحده بالتأله دون ما سواه.
٧ - لا نجاة من عذاب الله إلا بالتوحيد والإيمان بالرسالة واليوم الآخر والعمل الصالح ظاهراً وباطناً والمشرك لا يعذب في الدارين إلا بعد قيام الحجة وهو لا ينعم أيضاً لأن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة مؤمنة.