للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - أن الرسل جميعاً فصلوا الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له لأنه أصل الأصول.

وقال ابن القيم والإسلام: هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به، فلما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل (١). ا. هـ.

وقال محمد بن عبد الوهاب: فاعلم أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم إفراد الله بالعبادة كلها ليس فيها حق لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلاً عن غيرهم فمن ذلك لا يدعي إلا إياه كما قال تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن: ١٨]. فمن عبد الله ليلاً ونهاراً ثم دعا نبياً أو ولياً عند قبره فقد اتخذ إلهين اثنين ولم يشهد أن لا إله إلا الله لأن الإله هو: المدعو. كما يفعل المشركون اليوم عند قبر الزبير أو عبد القادر أو غيرهم وكما يفعل قبل هذا عند قبر زيد وغيره.

ومن ذبح لله ألف ضحية ثم ذبح لنبي أو غيره فقد جعل إلهين اثنين وكما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: ١٦٢]. الآية والنسك: هو الذبح وعلى هذا فقس.

فمن أخلص العبادات لله ولم يشرك فيها غيره فهو الذي شهد: أن لا إله إلا الله، ومن جعل فيها مع الله غيره فهو: المشرك الجاحد لقول لا إله إلا الله وهذا الشرك الذي أذكره اليوم قد طبق مشارق الأرض ومغاربها إلا الغرباء المذكورين في الحديث (وقليل ما هم) وهذه المسألة لا خلاف فيها بين أهل العلم من كل المذاهب (٢). ا. هـ.

وقال -رحمه الله-: اعلم -رحمك الله- أن هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام وهي كلمة التقوى وهي العروة الوثقى وهي التي جعلها إبراهيم (كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) وليس المراد: قولها باللسان مع الجهل بمعناها فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار مع كونهم يصلون ويتصدقون. ولكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض ما خالفها ومعاداته كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم،: "من قال لا إله إلا الله مخلصاً" وفي رواية "خالصاً من قلبه". وفي رواية: "صادقاً من قلبه" وفي حديث آخر


(١) طريق الهجرتين ص: ٤١١.
(٢) الرسالة العشرون ص: ١٦٦: ١٦٧ من كتاب -الرسائل الشخصية-.

<<  <   >  >>