للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نزاع، وليس المراد الإتيان بلفظهما دون التصديق بهما. فعلم أن التصديق بهما داخل في الإسلام، وقد فسر الإسلام المذكور في قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ). بالتوحيد والتصديق طائفة من السلف منهم: محمد بن جعفر بن الزبير.

وأما إذا نفي الإيمان عن أحد وأثبت له الإسلام كالأعراب الذين أخبر الله عنهم فإنه ينتفي عنهم رسوخ الإيمان في القلب ونثبت لهم المشاركة في أعمال الإسلام الظاهرة مع نوع إيمان يصحح لهم العمل. إذ لولا هذا القدر من الإيمان لم يكونوا مسلمين (١). ا. هـ.

قلت: فهذه نصوص العلماء متضافرة في أن الإسلام لا بد له من إيمان في الباطن يصححه، وأن الإيمان لا يثبت بدون إسلام في الظاهر ببينه، وهذه المسألة في غاية الخطورة ومنها بعلم قول العلماء أن التلفظ بالشهادتين يحكم لصاحبه بالإسلام وهذا حق لا ريب فيه لكن لا بد لهذا التلفظ من شروط وهي وجود إيمان في الباطن يحقق هذا الإسلام الظاهري كما نص على ذلك العلماء ونحن لم نؤمر بشق بطون الناس والاطلاع على بواطنهم بل أمرنا بمعاملتهم بالظاهر ويفترض في قائلها توفير الإيمان لديه في الباطن وتغيير الاعتقاد.

فإذا أظهر ناقضاً حكم الشرع بأنه يستلزم فساد وخلو الباطن من الإيمان وصحيح الاعتقاد قطعنا بفسادهما وتثبت عليه أحكام الردة.

لأنه كما قال ابن تيمية لأن الظاهر إنما يكون دليلاً صحيحاً معتمداً إذا لم يثبت أن الباطن بخلافه، فإذا قام دليل على الباطن لم يلتفت إلى ظاهر قد علم أن الباطن بخلافه (٢). ا. هـ.

الإنخلاع من الشرك والتزام الأحكام حق لا إله إلا الله:

قلت: وهذا حكم بالظاهر ومن هنا نعلم -بفضل الله وكرمه- دلالة النصوص المستفيضة وأقوال أهل العلم على أن غاية القتال: الانخلاع من الشرك والبراءة من الطواغيت وإفراد الله بالتأله والطاعة وحده لا شريك له وهو ما سلف ذكره من النصوص المستفيضة ونُقول أهل العلم في هذا المسألة العظيمة:

فإن الله أنزل الكتب وأرسل الرسل وخلق الكون بأسره وأقام سوق الآخرة ليعبد جل


(١) جامع العلوم والحكم الطبعة الخامسة ص: ٢٧: ٢٩.
(٢) الصارم المسلول ص: ٣٠١.

<<  <   >  >>