للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جلاله -وحده بلا شريك ويدان له بالطاعة ويكفر بكل مطاع سواه ويكون ذلك كله بالقلب والجوارح وجعل علامة هذا الاعتقاد القلبي: التلفظ بالشهادتين في الظاهر. وعند هذا يرفع القتال "إلا بحقها"، ومن المعلوم بيقين أن إفراد الله بالعبادة هو حق "لا إله إلا الله" فإذا ظهر من العبد خلاف ما أقر به عاد القتال لتحقيق غايته.

ولو كان المراد من الناس مجرد التلفظ بالشهادتين فقط -دون الانخلاع من الشرك والعبودية بشتى صورها لغير الله كاف فلم قال صلى الله عليه وسلم: "إلا بحقها"؟! إذ لو كان التلفظ هو وحده حقها لكان كل من تلفظ بالشهادتين قد أتى بحقها وكان ذكر هذه اللفظة "إلا بحقها" لغو لا حكم لها ولا حقيقة مترتبة عليها -والعياذ بالله-.

ونحن نبرأ بكلام إمام المرسلين -صلى الله عليه وسلم- من ذلك الذي أوتى جوامع الكلم.

ويلزم من قائل هذه المقالة تصحيح إسلام وإيمان المنافق لأنه نطق بالشهادتين وهذا هو وحده وحقها! وإن ظهر منه ما يدل على نفاقه مثل سب الله وكتابه ونبيه، صلى الله عليه وسلم، وموالاة الكفار والبراءة من المسلمين والتحاكم لغير الله ورفضه حاكمية الله والمسرة بهزيمة المسلمين والحزن بانخذال المشركين.

من سوغ ترك الانقياد للشرع فقد كفر:

قال ابن تيمية: ومن قال إن من تكلم بالشهادتين ولم يؤد الفرائض ولم يجتنب المحارم يدخل الجنة ولا يعذب أحد منهم بالنار فهو كافر مرتد يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل بل الذين يتكلمون بالشهادتين "أصناف" منهم منافقون في الدرك الأسفل من النار (١). ا. هـ.

وقال: وقال حنبل حدثنا: الحميدي: قال وأخبرت أن ناساً يقولون: من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت ويصلي مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه إذا كان مقراً بالفرائض واستقبال القبلة. فقلت: هذا الكفر الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله وعلماء المسلمين قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ). الآية.

وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر بالله ورد على أمره وعلى الرسول ما جاء به من عند الله (٢). أ. هـ.


(١) جـ: ٣٥ ص: ١٠٦ لمجموع الفتاوى.
(٢) جـ: ٧ ص: ٢٠٩ لمجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>