للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الرمي بشيء، ويمكن أن يحمل الاختلاف فيه على اختلاف أشخاص منهم، ويكون في قوله "يتمارى" إشارة إلى أن بعضهم قد يبقى معه من الإسلام شيء.

قال القرطبي في "المفهم" والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث قال: فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون ويقتلون وتسبى أموالهم وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي إذا شقوا العصا ونصبوا الحرب فأما من استسر منهم ببدعة فإذا ظهر عليه هل يقتل بعد الاستتابة أو لا يقتل بل يجتهد في رد بدعته؟ اختلف فيه بحسب الاختلاف في تكفيرهم. قال: وباب التكفير باب خطر ولا نعدل بالسلامة شيئاً ...

وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار ديناً على دين الإسلام وأن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية ومن اليهود والنصارى. قلت: والأخير مبني على القول بتكفيرهم مطلقاً (١). ا. هـ.

قلت: فهذا النص القطعي الثبوت القوي الدلالة في أناس من الأمة شديدي الاجتهاد في العبادة وصلوا لدرجة إذا صلى الصحابي بجوار أحدهم حقر صلاته مع صلاته وقراءته مع قراءته وصيامه مع صيامه. يقولون: من خير قول البرية بل هم القراء المجاهدون الذين كانوا يجاهدون مع علي -رضي الله عنه- في سبيل الله وهم مع هذه الحالة العظيمة من العبادة يقرءون القرآن يحسبونه لهم وهو عليهم بل وقعوا في أمر جلل جد خطير وآفتهم الجهل والتأويل الفاسد غير المستساغ.

قال ابن كثير في حقهم: "قلت: وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم فسبحان من نوع خلقه كما أراد وسبق في قدره العظيم. وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج: أنهم المذكورون في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً -إلى قوله- فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً).

والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلال والأشقياء في الأقوال والأفعال ....

فخرجوا (أي لمحاربة المسلمين) من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات وفارقوا


(١) فتح الباري جـ: ١٢ ص: ٢٩٥: ٣١٣ - باب الردة.

<<  <   >  >>