للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سائر القرابات يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسموات، ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر الموبقات والعظائم والخطيئات وأنه مما زينه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات والله المسئول أن يعصمنا منه بحوله وقوته إنه مجيب الدعوات. وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنبوهم ووبخوهم فمنهم من استمر على الاستقامة ومنهم من فر بعد ذلك فلحق بالخوارج، فخسر إلى يوم القيامة، وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليه من كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها واجتمع الجميع بالنهروان وصارت لهم شوكة ومنعة وهم جند مستقلون وفيهم شجاعة وعندهم أنهم متقربون بذلك، فهم لا يصطلى لهم بنار، ولا يطمع في أن يؤخذ منهم بثأر، والله المستعان (١). ا. هـ

قلت: فتلك نصوص العلماء تقرر: أن ما أوقعهم في هذه الموبقات إلا الجهل والخطأ في تأويل آي القرآن على غير المراد منه وهم مع هذا يظنون أنهم حملته ورافعوا لواءه ويقاتلون في زعمهم: الخارجين المرتدين عن حاكمية القرآن وقدموا أرواحهم ودماءهم وأموالهم فدية وقرباناً لهذا الاعتقاد وصدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في وصفهم: "يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم". وجاءت الروايات الصحيحة الصريحة في خروجهم من الإسلام مع عدم تعلقهم بشيء منه كخروج السهم المنطلق لسرعة راميه من الرمية لم يتعلق منها بشيء، سبق الفرث والدم، فالأمة قاطبة اجتمعت على ضلالهم وذمهم واختلفوا في تكفيرهم.

قال ابن تيمية: فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم، وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين: في مذهب مالك وأحمد وفي مذهب الشافعي أيضاً نزاع في كفرهم (٢). ا. هـ.


(١) البداية والنهاية جـ: ٧ ص: ٢٨٦: ٢٨٧.
(٢) جـ: ٢٨ ص: ٥١٨ لمجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>