للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمة الدعوة وليسوا من أمة الإجابة لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين". فهم من الأمة أي: "أمة الإجابة" قبل لحوقهم وليسوا منها بعد اللحوق، وهم من: أمة الدعوة قبل وبعد اللحوق، وكذلك أيضاً ما وقع من ردة في العرب بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فمما تقدم نعلم بيقين أن من الأمة من ارتكست وارتدت عن دينها ولحقت بالمشركين، فكون الخوارج شرار الأمة وأبغضهم إلى الله يدل أيضاً على كفرهم.

وقوله، صلى الله عليه وسلم، "لأقتلنهم قتل عاد" وفي رواية "ثمود" وكل منهما مات وهلك على الكفر ومن أجله، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرجعون إلى الإسلام حتى يرتد السهم إلى فوقه".

وقول راوي الحديث فنزلت "فيه" وفي رواية السرخسي "فيهم" (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ). ومن المعلوم أن هذا المعترض المأبون على قسمة النبي، صلى الله عليه وسلم، ارتد بذلك والآية نزلت فيه عيناً وفي شيعته لأنهم من جنسه في الكفر ولذلك جاءت الرواية التي رواها السرخسي "فيهم" فيا له من فقه أبي سعيد -رضي الله عنه- وهذا مما يؤكد أنه كان يرى كفرهم لإدخاله إياهم تحت حكم الآية لإستواءهم مع أصل خروجهم ذي الخويصرة في الكفر والردة.

ويدل على هذا ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عنه (١) " .... فرأيت (٢) أبا سعيد بعد ما كبر ويديه ترتعش، ويقول: قتالهم عندي أحل من قتال عدتهم من الترك" (٣).

وكذلك أيضاً يؤيد كفرهم المثل المضروب لهم من مروق السهم من الرمية لسرعة راميه دون التعلق منها بشيء في أي جزء من أجزائه بل سبق الفرث والدم وكذلك هم يمرقون من الدين دون التعلق منه بشيء ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه.

علة تكفير الخوارج:

وآفة القوم التي أوقعتهم في الكفر وعلة ذلك هي: -والله تعالى أعلم- تكفيرهم للصحابة


(١) أي: عن أحمد بن حنبل.
(٢) أي: عاصم بن شميخ راوي هذا الأثر.
(٣) راجع البداية والنهاية جـ: ٧ ص: ٢٩٩.

<<  <   >  >>