للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطاق، وأما من جوز التكليف بما لا يطاق فهو يقول: بجوازه فقط لا بوقوعه: فكان عدم الوقوع متفقاً عليه بين الطائفتين. ولهذا نقل أبو بكر الباقلاني: اجماع أرباب الشرائع على امتناعه.

قال ابن السمعاني: لا خلاف في امتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل ولا خلاف في جوازه إلى وقت الفعل (١). ا. هـ.

الفرق بين وقت الحاجة ووقت الخطاب:

قلت: فهذا اتفاق العلماء على أنه: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة أي: وقت امتثال التكليف الشرعي. وأما تأخير البيان في الواجبات التي ليست بفورية عن وقت الخطاب إلى وقت الفعل والامتثال فقد جوزه: كثير من العلماء فانتبه للفرق.

ومن المعلوم بيقين أن العقائد البيان يكون فيها على الفور لأنها واجبة الاعتقاد وشرط في الإيمان منذ اللحظة الأولى للدخول في هذا الدين وليس في الحديث الذي بين أيدينا لوماً من النبي، صلى الله عليه وسلم، للسيدة عائشة على ما قالت فدل هذا بيقين أنها لم تقع في محذور شرعي.

لأن عدم البيان في موضع البيان دليل على العدم.

سجود معاذ رضي الله عنه:

الشبهة الثانية: حديث سجود معاذ -رضي الله عنه- روى ابن ماجه في سننه والبستي في صحيحه عن أبي واقد قال: لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، "ما هذا". فقال: يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم فأردت أن أفعل ذلك بك، قال: "فلا تفعل فإني لو أمرت شيئاً أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها حتى لو سألها نفسها وهل على قتب لم تمنعه". لفظ البستي (٢). ا. هـ.

الفرق بين سجود التحية وسجود العبادة:

قلت: والذي عليه جمهور أهل العلم بلا خلاف ولا نزاع بينهم أن هذا السجود من معاذ -رضي الله عنه- كان سجود تحية لا عبادة إذ كيف يجهل هذا الصحابي الجليل أن سجود


(١) ارشاد الفحول ص: ١٧٣.
(٢) راجع تفسير القرطبي جـ:: ١ ص: ٢٥٠ عند قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ).

<<  <   >  >>