للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادة لا ينبغي إلا لله، سبحانك هذا ظلم وافتراء عظيم على هذا الصحابي الجليل الذي اصطفاه النبي، صلى الله عليه وسلم، من الصحابة جميعاً لمناظرة أهل الكتاب وتبليغهم التوحيد وأصل الدين وقال له، صلى الله عليه وسلم: "إنك ستقدم قوماً أهل كتاب".

قال الحافظ في الفتح تعليقاً على هذه اللفظة. قوله (سنأتي قوماً أهل كتاب).

هي كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان (١). ا. هـ.

نسخ سجود التحية بحديث معاذ رضي الله عنه:

فهل يصطفي النبي، صلى الله عليه وسلم، من أصحابه من يجهل أصل التوحيد ليناظر أهل علم ومجادلة على ما لا يعلمه؟

وقد استشهد القرطبي في تفسيره بهذا الحديث على أن سجود التحية كان جائزاً إلى عصر الرسول، صلى الله عليه وسلم،.

وقال ابن كثير في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ). فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته. وقال بعض الناس: كان هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً ..). وقد كان هذا مشروعاً في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا (ثم ذكر حديث معاذ) -رضي الله عنه-. ا. هـ.

وقال أيضاً في قوله تعالى في سورة يوسف: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً ..).

قال: وقد كان هذا سائغاً في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزاً من لدن آدم إلى شريعة عيسى -عليه السلام- فحرم هذا في هذه الملة وجعل السجود مختصاً بجناب الرب -سبحانه وتعالى- هذا مضمون قول قتادة وغيره (ثم ذكر حديث معاذ). ا. هـ.

وقال الشوكاني في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ). مرجحاً أن السجود كان لآدم على وجه التحية والإكرام -فإن السجود للبشر قد يكون جائزاً في بعض الشرائع بحسب ما تقتضيه المصالح وقد دلت هذه الآية على أن السجود لآدم، وكذلك الآية الأخرى


(١) جـ: ٣ ص:: ٤١٩ فتح الباري.

<<  <   >  >>