للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة -كونهم لم يفعلوا -المسألة الحادية عشر- أن الشرك فيه: أكبر، وأصغر لأنهم لم يرتدوا بهذا" (١). ا. هـ.

قلت: فهذا نص من الشيخ أن القوم طلبوا الشرك الأصغر.

وقال ابن تيمية: ولما كان للمشركين شجرة يعلقون عليها أسلحتهم ويسمونها ذات أنواط فقال بعض الناس: يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال: الله أكبر قلتم كما قال قوم موسى لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم".

فأنكر النبي، صلى الله عليه وسلم، مجرد مشابهتهم الكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم. فكيف بما هو أطم من ذلك من مشابهتهم المشركين أو هو الشرك بعينه؟

فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحب الشريعة ذلك فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض. سواء كانت البقعة شجرة أو غيرها أو قتاة جارية أو جبلاً أو مغارة وسواء قصدها ليصلي عندها، أو ليدعو عندها، أو ليقرأ عندها، أو ليذكر الله -سبحانه- عندها، أو لينسك عندها. بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به لا عيناً ولا نوعاً (٢). ا. هـ.

الفرق بين التوحيد والبدعة والشرك:

وهذا كلام شيخ الإسلام ينص على أن: القوم طلبوا مجرد المشابهة للمشركين لا عين الشرك ثم انظر إلى الأمثلة التي ذكرها بعد ذلك فهي كلها في البدع وليست في الشرك الأكبر وهو أن يخص العبد بقعة أو شجرة أو قناة بنوع من البركة بغير برهان من الله، ويعبد الله عندها رجاء عظم الثواب وهذا هو عين البدعة لأن التوحيد هو: عبادة الله وحده بما شرع على ألسن رسله عليهم السلام والشرك عبادة غير الله معه.

والبدعة (٣) هي: عبادة الله وحده بغير ما شرع على التعيين دون الإجمال.


(١) كتاب التوحيد -باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما-.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ص: ٣١٤: ٣١٥.
(٣) هذا تعريف البدعة الغير مكفرة -أي: البدع التي وقع فيها أهل القبلة ولم يخرجوا بها من الإسلام. وقولي على التعيين دون الإجمال أي: أصاب متابعة الشرع على الإجمال دون التعيين في المتابعة لهذه الجزئية من العبادات، وإلا فترك المتابعة كفر لا ريب فيه. وبهذا يظهر الفرق بين الكافر والمبتدع. فالأول ترك الاتباع إجمالاً فضلاً عن التفضيل والثاني متابعته على الإجمال تشفع له خطأه في التفصيل.

<<  <   >  >>