وقوم النبي، صلى الله عليه وسلم، كانوا علماء باللسان العربي الذي نزل به القرآن وهذا بنص التنزيل قال تعالى:(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [فصلت: ٣].
قال الإمام البغوي (قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). اللسان العربي، ولو كان بغير لسانهم ما علموه. ا. هـ.
وقال الشوكاني:(لقوم يعلمون) أي: يعلمون معانيه ويفهمونها وهم أهل اللسان العربي. اهـ.
فهم يعلمون ويفقهون ما دعوا إليهم لأنهم أهل اللسان العربي.
فكان من يكفر منهم يكفر على علم بدعوة القرآن لإفراد الله -جل ثناؤه- بالتأله والكفر بما يعبد من دونه لذلك قالوا:(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً). ومن آمن منهم آمن على علم.
فالكفار علموا مراد النبي، صلى الله عليه وسلم، من دعوته إليهم فكيف لا يعلم من آمن منهم مراد نبيه، صلى الله عليه وسلم،؟!
فمن هذا يعلم أن السؤال منهم لم يكن في الشرك الأكبر ولكن هو مجرد المشابهة للمشركين.
حديث القدرة:
الشبهة الرابعة: الاستدلال خطأ بحديث القدرة وهو في الصحيحين أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال "قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت هذا قال من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر الله له".
قال النووي: اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، فقالت طائفة: لا يصح حمل هذا على أنه أراد نفي قدرة الله فإن الشاك في قدرة الله -تعالى- كافر، وقد قال في آخر الحديث: إنه إنما فعل هذا من خشية الله -تعالى- والكافر لا يخشى الله -تعالى- ولا يغفر له، قال هؤلاء فيكون له تأويلان أحدهما: أن معناه لئن قدر على العذاب أي: قضاه يقال عنه قدر بالتخفيف وقدر بالتشديد بمعنى واحد.