أولاً معنى القول: قال صاحب لسان العرب معنى كلمة قول-: فأما تجوزهم في تسمية الاعتقادات والآراء قولاً فلأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول، أو بما يقوم مقام القول من شاهد الحال فلما كانت لا تظهر إلا في القول سميت قولاً، إذ كانت سبباً له، وكان القول دليلاً عليها، كما يسمى الشيء باسم غيره إذا كان ملابساً له وكان القول دليلاً عليه ...
قال شمر: تقول قوّلني فلان حتى قلت: أي: علمني وأمرني أن أقول قال: قوَّلْتني وأقْولْتني أي: علمتني ما أقول وأنطقتني، وحملتني على القول. وفي حديث سعيد بن المسيب حين قيل له: ما تقول في عثمان وعلي، فقال: أقول فيهما: ما قولّني الله -تعالى- ثم قرأ:(وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ)[الحشر: ١٠] اهـ.
قلت: فهذا القول لا بد فيه من العلم. ومن هذا يعلم: أن المقصود بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" أي: حتى ينطقوا ويعلموا: لا إله إلا الله.
العلم شرط في صحة الشهادة:
وأما الشهادة: فقال أيضاً في نفس المرجع قال: ابن سيده: الشاهد: العالم الذي يبين ما علمه ... وقال أبو بكر بن الأنباري: في قول المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله: اعلم أن لا إله إلا الله، وأبين أن لا إله إلا الله، قال: وقوله أشهد أن محمداً رسول الله، أعلم وأبين أن محمداً رسول الله: وقوله -عز وجل-: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ). قال أبو عبيدة: معنى شهد الله: قضى الله أنه لا إله إلا هو وحقيقته: علم الله وبين الله، لأن الشاهد: هو العالم الذي يبين ما علمه ... وشهد الشاهد عند الحاكم: أي بين ما علمه وأظهر ... وسأل المنذري أحمد بن يحيى عن قول الله -عز وجل-: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ). فقال: كل ما كان "شهد الله" فإنه بمعنى: علم الله، قال وقال ابن الأعرابي: معناه: قال الله ويكون معناه: علم الله ويكون معناه: كتب الله، وقال ابن الأنباري: معناه: بيّن الله أن لا إله إلا هو (١) اهـ.