للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبي في قوله -تعالى-: (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ... والمعنى: ولا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن على علم وبصيرة قاله: سعيد بن جبير وغيره. قال وشهادة الحق لا إله إلا الله .. (وَهُمْ يَعْلَمُونَ). حقيقة ما شهدوا به ...

الثانية قوله -تعالى-: (إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). يدل على معنيين.

أحدهما: أن الشهادة بالحق غير نافعة إلا مع العلم وأن التقليد لا يغني مع عدم العلم بصحة المقالة.

والثاني: أن شرط سائر الشهادات في الحقوق وغيرها أن يكون الشاهد عالما بها ونحوه ما روى عن النبي، صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فادع". اهـ.

وقال ابن كثير: ... هذا استثناء منقطع أي: لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له اهـ.

وقال الإمام الطبري: فقال بعضهم معنى ذلك: ولا يملك عيسى وعزير والملائكة الذين يعبدوهم هؤلاء المشركون بالساعة الشفاعة عند الله لأحد إلا من شهد بالحق فوحد الله وأطاعه بتوحيد علم منه وصحة بما جاءت به رسله قوله: (إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ) قال: كلمة الإخلاص وهم يعلمون: أن الله حق وعيسى وعزير والملائكة يقول: لا يشفع عيسى وعزير والملائكة إلا من شهد بالحق وهو يعلم الحق اهـ.

وقال ابن تيمية والشهادة: لا بد فيها من علم الشاهد وصدقه وبيانه لا يحصل مقصود الشهادة إلا بهذه الأمور (١).

وقال أيضاً رحمه الله (٢) قال أبو الفرج في معنى الآية قولان: أحدهما: أنه أراد بـ"الذين يدعون من دونه" آلهتهم ثم استثنى عيسى وعزيراً والملائكة. فقال: إلا "من شهد بالحق" وهو شهادة: أن لا إله إلا الله "وهم يعلمون" بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم قال: وهذا مذهب الأكثرين. منهم: قتادة، والثاني: أن المراد بـ"الذين يدعون" عيسى وعزيراً والملائكة الذين عبدهم المشركون. لا يملك هؤلاء الشفاعة لأحد "إلا من شهد بالحق" وهي: كلمة


(١) جـ: ١٤ ص: ١٨٧ لمجموع الفتاوى.
(٢) جـ: ١٤ ص: ٤٠٠: ٤١١.

<<  <   >  >>