النور يخرج من وجهه، كثير العبادة، يقرأ كل يوم وليلة سُبعاً من القرآن، ولا يصلي ركعتي السنة في الغالب إلا في بيته؛ اتِّباعاً للسنة، وكان يحضر مجالسي دائماً في جامع دمشق وقاسيون.
وقال أيضًا: شاهدتُ من الشيخ أبي عمر، وأخيه الموفق، ونسيبه العماد: ما نرويه عن الصحابة والأولياء الأفراد، فأنساني حالُهم أهلي وأوطاني، ثم عدت إليهم على نية الإقامة، عسى أن أكون معهم في دار المقامة.
وقال ابن النجار: كان الشيخ موفق الدين إمام الحنابلة بالجامع، وكان ثقةً، حُجَّةً، نبيلاً، غزيرَ الفضلِ، كامل العقل، شديد التثبت، دائم السكوت، حسن السَّمت، نزهاً، ورعاً، عَابداً، على قانون السلف، على وجهه النور، وعليه الوقار والهيبة، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه، صنف التصانيف المليحة في المذهب والخلاف، وقصده التلامذة والأصحاب، وسار اسمه في البلاد، واشتهر ذكره، وكان حسن المعرفة بالحديث، وله يد في علم العربية.
وقال عُمرُ بنُ الحاجب الحافظ في "معجمه": هو إمام الأئمة، ومفتي الأمة، خصه الله بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنت في ذكره الأمصار، وضنت بمثله الأمصار، قد أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية؛ فأما الحديث: فهو سابق فرسانه؛ وأما الفقه: فهو فارس ميدانه، أعرف الناس بالفتيا, وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثله، متواضع عند الخاصة والعامة، حسن الاعتقاد، ذو أناة وحلم ووقار، وكان مجلسه عامراً بالفقهاء