وقصدَ الإِمامُ الموفَّقُ بتلخيصِ "الهِدَايةِ" بهذا المختصرِ المفيدِ، أن ينقلَ فيهِ من مَسائلِ "الهدايةِ"، المسائلَ التي لم تُذكرْ في "مُختصرِ" أبي القاسم عمرَ بنِ الحسينِ الخِرَقِيِّ، المتوفي سنة (٣٣٤)؛ فجاءَ مصنفاً صغيرَ الحجْمِ، كثيرَ العِلْمِ.
ولم يصْنع فيهِ الإمامُ الموفَّقُ كَمَا صَنَعهُ في "عُمدةِ الفقْهِ"، حيثُ جعلَها على قولٍ واحد، اختارَهُ هو من الرواياتِ عن الإِمامِ أَحمدَ، بل مَشَى فيه على طريقةِ أصلِهِ، في بعضِ المواضع؛ من ذكرِ الرواياتِ عنِ الإِمامِ أَحمدَ -رحمهُ اللهُ- والوجوهِ عن أصحابِهِ.
وقد ذكرَ في أولِ كثيرٍ من فصولهِ بعضَ الأحاديثِ الجليلةِ التي بَنى عليها مسائلَ الفَصْلِ، وهذا عملٌ صالحٌ مُنَبِّهٌ للطالبِ الذَّكيِّ على تَتَبُّعِ الأَدِلةِ، وطلِبها من مظانِّها.
ومنْ تأمَّل مِنْ أهلِ العلمِ هذا المختصرَ، علمَ أنهُ مِنْ أجمعِ المتونِ للمسائلِ العلميةِ، وأنه يُغنى عن كثيرٍ من المُختصراتِ الفقهيةِ، ولا يغُني عنهُ غيرُهُ.
فرحمَ اللهُ الإمامَ الموفقَ، لقدْ جَدَّ واجتهدَ في نَصْرِ مذهبِ إِمامِ أهلِ السُّنَّةِ أَحمدَ بنَ حنبلٍ، حتى صارتْ كتبُهُ كلُّها عمدة عندَ الحنابلةِ، وقدَّموها على غيرِها من المؤلفاتِ.
وأما مختصرُ أبي القاسمِ الخِرقِيِّ، فقد قَرَأَهُ الإمامُ الموفَقُ على شيخِهِ الشيخِ عبدِ القادرِ الجيلانيِّ، وشَرَحَهُ في كتابهِ "المغني" الذي هو