للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ الْحُرَّةَ عَلَى الأَمَةِ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُ الأَمَةِ عَلَى الأَصَحِّ، ورَجَعَ عَنْهُ، وقَالَ: لِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ مَا لَمْ تَعْلَمْ. وقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تُخَيَّرُ فِي نكاح الأمة. وقِيلَ: لا خِيَارَ لَهَا لِتَفْرِيطِهَا فِي الاسْتِعْلامِ ........

يعني: إذا تزوج أمة بوجه جائز, ثم تزوج حرة, فهل يفسخ نكاح الأمة؟ الأصح وهو المشهور أنه لا يفسح؛ لأن الشروط المتقدمة إنما هي في ابتداء النكاح لا في استدامته, ومقابل الأصح حكاه اللَّخْمِيّ عن ابن حبيب. وحكى ابن رشد قولاً بأنه يفارق الأمة بمجرد حصول الطول, قال: وأما إن ذهب عنه العنت بزواج الأمة فليس عليه أن يفارقها قولاً واحداً.

وفى المصنف: (ورَجَعَ عَنْهُ) نظر؛ لأنه يقتضي أن مالكاً رجع عن الأصح إلى الفسخ, وهذا لا يعلم لمالك, وإنما مراده أنه لا يفسخ ولا خيار للحرة, ثم رجع عنه الثبوت الخيار للحرة, وهكذا ذكر اللَّخْمِيّ وغيره. وعلى هذا فالقول المرجوع عنه هو القول الذي حكاه المصنف بقوله (وقِيلَ: لا خِيَارَ لَهَا لِتَفْرِيطِهَا فِي الاسْتِعْلامِ) واستشكل اللَّخْمِيّ هذه العلة, فقال: ليس هذا التعليل بالبين؛ لأن تزويج الحر الأمة نادر, والنادر لا حكم له, وأشار إلى أنه يمكن أن يعلل قول مالك بعد الخيار باختلاف العلماء فإن بعضهم أجازه.

ابن عبد السلام: ويوهم قول المصنف: (وقَالَ: لِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ) مع قوله (وقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تُخَيَّرُ فِي نكاح الأمة) أن الوجه الذي خيرها فيه مالك غير الوجه الذى خيرها فيه ابن الماجشون, وليس كذلك بل هما شيء واحد.

خليل: قوله يوهم ليس بظاهر, بل هو صريح فى ذلك, وكأنه- والله أعلم- إنما قاله لأنه لم يجد قول ابن الماجشون مثل ما حكاه المصنف عنه من أن الحرة تخير فى فسخ نكاح الأمة, فإنه قال: وإذا قلنا أن للحرة الخيار فهل فى نفسها؟

وهو قوله فى المدونة, أو فى نكاح الأمة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>