عياض وغيره: وهي بتسكين الفاء، قيل: أصل ذلك من الشفع وهو ضد الوتر؛ لأن الشفيع يضم الحصة التي أخذها إلى حصته فتصير حصته حصتين، وقيل: من الزيادة؛ لأنه يزيد مال شريكه إلى ماله، ومنه قوله تعالى:(مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً)[النساء: ٨٥]، قيل: يزيد عملاً صالحاً إلى عمله، وهو قريب من الأول، وقيل: من الشفاعة؛ لأنه يشفع بنصيبه إلى نصيب صاحبه.
وقيل: كانوا في الجاهلية إذا باع الرجل حصته أتى المجاور شافعا إلى المشتري ليوليه مشتراه.
وحدُّه اصطلاحاً ما ذكر فـ (أَخْذُ) جنس، وأخرج بإضافته إلى (الشَّرِيكِ) الجار فإنه لا شفعة له عندنا وبحصة ما يأخذ منه كاملاً مما لا شركة بينه وبينه فيه، وبالجبر ما يأخذه بالشراء الاختياري، وبالشراء ما يأخذه بالاستحقاق.
واعترُض عليه بأن هذا الحد غير مانع لدخول ما يأخذه الشريك من شريكه من الحصص جبراً شراء في العروض وغيرها إذا كانت لا تنقسم ودعا أحدهما صاحبه إلى البيه، فإنه يعرض المشترك بينهما للبيع، فإذا وقف على ثمن فمن شاء منهما أخذه بذلك، وأجيب: بأنا لا نسلم أنه أخذ الآن حصة شريكه خاصة، وإنما أخذ المبيع كله بثمنه غير أنه أسقط عنه حصته.
خليل: وأحسن من هذا أن يقال: لا نسلم أنه يأخذه هنا جبراً بل باختيار صاحبه؛ إذ له أن يزيد فوق ما أعْطَى شريكه، بخلاف الشفيع فإنه يأخذ الحصة بثمن المثل من غير زيادة ولا خيرة له بوجه.
ولما كانت حقيقة الشفعة ما ذكر استلزم ذلك: مأخوذاً وآخذاً ومأخوذاً منه ومأخوذاً به، فكانت هذه الأربعة هي أركان هذا الباب، وتكلم المصنف عليها أولاً فأولاً: