يعني: أن مِنْ شَرطِ السعي أن يتقدمه طواف. واختلف هل من شرطه أن يكون واجبًا أو يكفي أيّ طواف كان؟ وصَدَّرَ المصنف بأنه يكفي أي طواف كان؛ لقوله في المدونة: فإذا طاف حاج أول دخوله لا ينوي به تطوعًا ولا فريضة لم يجزئه سعيه إلا بعد طواف ينوي به طواف الإفاضة، فإن لم يتباعد رجع فطاف وسعى، فإن فرغ من حجه ثم رجع إلى بلده وتباعد وجامع النساء أجزأه ذلك وعليه دم. والدم في هذا خفيف. انتهى.
فتخفيفه للدم يقتضي أن ذلك ليس بشرط. وقال ابن عبد السلام: وإلى الاشتراط يرجع مذهب المدونة، وهو المنصوص في المذهب. انتهى.
وفيه نظر؛ لأنه لو كان مذهب المدونة الاشتراط للزمه الرجوع؛ إذ الشرط يلزم من عدمه العدم. على أن سندًا اعترض على البراذعي في قوله: ولم ينو فرضًا ولا تطوعًا لم يجزئه. وقال: إنما قال في الكتاب: ولم ينوِ حجًا ثم سعى فلا أحب له سعيه إلا بعد طواف ينوي به الفرض، فإن رجع إلى بلده أو جامع رأيته حجًا مجزئًا عنه، وعليه الدم. وعارض التونسي بين هذه المسألة - في كونه جعل عليه الدم - وبين ما إذا طاف للإفاضة على غير وضوء ثم طاف بعده تطوعًا فإنه قال فيها في المدونة: يجزئه طواف التطوع. ولم يقل عليه دم. وليس بينهما فرق في التحقيق؛ أي: لأنه في كلا المسألتين قد وقع تطوع عن واجب؛ لهذا خرج بعضهم قولاً بعدم الإجزاء من قول ابن عبد الحكم فيمن طاف للوداع ثم ذكر