لا خلاف في وجوبه وهو في اللغة يطلق على الإمساك. وفي الشرع: إمساك عن شهوتي البطن والفرج يوماً كاملاً بنية التقرب. وشرع لمخالفة الهوى؛ لأن الهوى يدعو إلى شهوتي البطن والفرج، ولكسر النفس، ولتصفية مرآة العقل، والاتصاف بصفات الملائكة، ولينتبه العبد على مواساة الجائع.
وقول ابن حبيب بالقتل كفراً في تارك الصلاة أقوى منه في الصوم؛ لأنه لا يوجد له من الأدلة هنا مثل الصلاة، ولأنَّا لا نعلم أحداً يوافقه في الصوم إلا الحكم بن عيينة، بخلاف الصلاة فإنه وافق في ذلك جماعة من الصحابة والتابعين.
جعله (الإِسْلامُ) شرط صحة مبني على خطاب الكفار، واستحب له أن يقضي (يَوْمِ إِسْلامِهِ)؛ لأنه لما أسلم في بعض النهار وخوطب بأحكام الإسلام، ولم يمكنه صيام ما بقي، لكون الصوم لا يتبعض، واستحب له القضاء ليحصل له ثواب ذلك اليوم، واختلف في إمساكه بقية ذلك اليوم، هل هو واجب أم لا؟ كما سيأتي.
الظاهر أن (جَمِيعَ النَّهَارِ) راجع إلى الحيص والنفاس ويشاركهما في ذلك البلوغ ولا يعود على العقل؛ لأن الإغماء إذا كان في أقل النهار وأوله سالم لا أثر له. ويحتمل عوده على الجميع ويكون ما ذكره في العقل جارياً على بعض الأقوال كما سيأتي. ويبعد هذا الوجه كون المصنف لم يذكر في الصورة المذكورة خلافاً. والله أعلم.