للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلاً ثم أعلنوا مائة ولم يشهدوا بإبطال ما في العلانية، فإن الزوج يحلف، قاله اللخمي وعياض وابن شاس وأقام بعض المتأخرين من هنا إعمال شهادة الاسترعاء.

فرع: إذا تزوجها بثلاثين ديناراً عشرة منها نقداً وعشرة إلى سنة وسكت عن العشرة الثانية، فالروايات: أن العشرة المسكوت عنها ساقطة، ولو كان ذلك في البيع لكانت العشرة الأخرى حالة، والفرق أن النكاح قد يظهر فيه غرر ويكون في السر دونه، فيكون سكوتهم عن تلك العشرة دليلاً على إسقاطها، ولا كذلك البيع.

وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ: جَائِزُ؛ وهُوَ إِخْلاءُ الْعَقْدِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ.

لقوله تعالى: (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [البقرة: ٢٣٦] فأباح الطلاق في النكاح الذي لم يفرض فيه يدل على صحته، وأيضاً فإنه قد رفع الجناح مع عدم الفرض وذلك يقتضي رفع الإثم عن العقد.

الباجي: ولا خلاف في جوازه وصحته، قال: وصفته أن يصرحوا بالتفويض أو يسكتوا عن ذكر المهر قاله أشهب وابن حبيب. وهذا معنى قوله: (وهُوَ إِخْلاءُ الْعَقْدِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَهْر).

فَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ فَسَدَ كَالْخَمْرِ

أي: فيفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل على المشهور، وأفاد تشبيهه بالخمر أن في هذه المسألة الثلاثة الأقوال المتقدمة وهو صحيح، فقد حكى في المدونة في فسخه بعد البناء قولين، واستحسن ابن القاسم فيها عدم الفسخ، وحكى ابن شعبان أن هذه الصورة كنكاح التفويض، وعليه فلا يفسخ قبل البناء ولا بعده ويكون لها صداق المثل، وقال ابن حبيب: يخير الزوج قبل البناء بعد أن يفرض ربع دينار أو يفارقها ولا شيء عليه، وقال: لا يجبر على فرض ربع دينار؛ لأنه دخل على ألا شيء عليه، وفي تشبيهه بالخمر أيضاً فائدة أخرى، وذلك أنه لو اقتصر على قوله: (فَسَدَ) لتوهم أن فساده لعقده.

<<  <  ج: ص:  >  >>