للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَجُّ وَاجِبٌ مَرَّةً، وَفِي الْفَوْرِ أَوْ تَوَسِعَتِهِ إِلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ قَوْلانِ

أما وجوبه فلا إشكال فيه. قال القرافي في ذخيرته وابن بزيزة ومُصَنَّف الإرشاد في عمدته: والمشهور الفور. وقال ابن الفاكهاني في باب الأقضية من شرح الرسالة: والمشهور التراخي، وبالجملة فالعراقيون نقلوا عن مالك الفور، ويرون أنه المذهب. والباجي وابن رشد والتلمساني وغيرهم من المغاربة يرون أن المذهب الترخي أخذاً له من مسألة الزوجة والأبوين، وذلك لأن أشهب روى عن مالك أنه سئل عمن حلف على زوجته ألا تخرج فأرادت الحج وهي ضرورة، أنه يقضي عليه بذلك، قال: ولكن لا أدري ما تعجيل الحنث ها هنا حلف أمس، فتقول هي: أنا أحج اليوم، ولعله يؤخر ذلك سنة. وفي كتاب ابن عبد الحكم: أنه يؤخر ذلك سنة. قالوا: ولو كان ذلك على الفور ما شك في تعجيل الحنث، وأجيب بأن مالك فهم عنها قصد إضرار؛ لقوله حلف أمس، وتقول هي: أحج اليوم، وإذا تأملت ذلك وجدت دلالته على الفور أقرب. وأشار المصنف إلى مسألة الأبوين بقوله:

وَعُمْدَةُ الْمُوسِّعِ طَوْعُ الأَبَوَيْنِ، وَلا يَقْوَى لِوُجُوبِهِ أَيْضاً

أي: وعمدة القائل بالتراخي ما وقع لمالك من رواية ابن نافع أن الولد لا يعجل على والديه في الفريضة، وليستأذنهما العام والعام القابل، فإن أبيا فليخرج، ولو كان على الفور لعجل عليهما؛ لأن التراخي معصية ولا طاعة للأبوين في المعصية.

والجواب من وجهين:

أحدهما: أن هذا معارض بمثله، فقد نقل في النوادر رواية أخرى بالإعجال عليهما، ونص ما ذكره: قال مالك: ولا يحج بغير إذن أبوه إلا حجة الفريضة، فليخرج ويدعهما، وإن قدر أن يراضيهما حتى يأذنا له فعل، وإن نذر حجة لا يكابرهما ولينظر إذنهما عاماً بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>