أطلق- رحمه الله- الخلافَ في وجوبهما، والخلافُ إنما هو في اللتين قبل السلام. وأما اللتان بعد السلام فلا خلاف في عدم وجوبهما. قال في الإشراف: ومقتضى مذهبنا وجوب القبلي. قال: وكان الأبهري يمتنع من إطلاق الوجوب. وقال المازري: ذكر القاضي أبو محمد أنه يتنوع لواجب وسنة، ومعناه: أن البَعدي سنة، والقبلي واجب، على قولنا: إنه إن أخّر ما قبل السلام بعد السلام تأخيرًا طويلاً فسدت الصلاة.
ابن عبد السلام: والتحقيق عدم وجوبه؛ لأن سببه غير واجب.
خليل: وقد يُعترض عليه بوجوب الهدي في الحج عما ليس بواجب.
دليل الزيادة: ما رواه البخاري ومسلم من حديث ذي اليدين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم من اثنتين في إحدى صلاتي العَشِيِّ ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، وخرجت السَّرَعانُ من أبواب المسجد فقالوا: قُصِرَت الصلاة. وفي القوم أبو بكر، وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم أنس، ولم تقصر. فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم. فتقدم عليه الصلاة والسلام فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتين بعد السلام)).
ودليل النقصان: حديث ابن بُحينة، قال:((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من اثنتين ولم يجلس، فلما قضى صلاته سجد سجدتين قبل السلام))، قال ابن أبي حازم، وعبد العزيز بن أبي مسلمة: يسجد لهما سجدتين قبل وبعد.