(الأَوْقَاتُ) جمع وقت، وهو جمع قلة. والوقت مأخوذ من التوقيت وهو التحديد، والوقت أخص من الزمان؛ لأن الزمان مدة حركة الفلك، والوقت هو ما قال المارزي: إذا اقترن خفي بجلي سمي الجلي وقتًا نحو: جاء زيد طلوع الشمس، فطلوع الشمس هو وقت المجيء إذا كان الطلوع معلومًا والمجيء خفيًا. ولو خفي طلوع الشمس بالنسبة إلى أعمى أو مجنون مثلاً لقلت له طلوع الشمس عند مجيء زيد، فيكون المجيء وقت الطلوع.
وجمع المصنف الأوقات إما لأنه جعل الأداء ينقسم ثلاثة أقسام أو أربعة والقضاء واحداً، وإما لأن كل صلاة لها وقت أداء وقضاء، فلا يقال أن زمن القضاء ليس بوقت للصلاة، فلا ينبغي أن يجعل قسمًا منه.
ولذلك حد بعضهم القضاء بأنه إيقاع العبادة خارج وقتها؛ لأنا نقول: المرادُ بالوقتِ الوقتُ الذي تفعل فيه الصلاة، ولا شك أن المكلف قد يوقعها خارجة عن وقتها المقرر لها شرعًا إما عمدًا أو سهوًا.
ابن عبد السلام: تكلم هنا بالحقيقة، وتكلم فيما قبل بالمجاز؛ لأن الوقت إنما ينقسم إلى وقت أداء ووقت قضاء، لا إلى الأداء والقضاء، فوقع الاختصار في التقسيم والبيان في التعريف، وهو حسن.
وقوله:(مَا قُيِّدَ الْفِعْلُ بهِ) أي وقت قيد العمل به احترز من النوافل المطلقة، فإن الشارع لم يقدر لها وقتًا فلا توصف لا بالأداء ولا بالقضاء.
قوله:(أَوْلاً) أي بخطاب أول احترازًا من القضاء، فإنه بخطاب ثان بناء على رأي الأصوليين أن القضاء بأمر جديد كوقت الذكر للناسي، وقضاء رمضان، ويحتمل أن يريد فعلاً أولاً ليخرج الإعادة كما قال الأصبهاني في شرح المختصر.