هي مشتقة من اللعنة التي في خامسة الزوج، ولم يسمى بالغضب، وإن كان يصدر من المرأة في الخامسة، لأن القاعدة تغليب المذكر، ولأنه لما كان لعان الرجل سابقاً وسبباً في لعانها، غلب ما يصدر منه، واللعن: البعد والطرد، ومعنى لعنه الله، أي أبعده الله من رحمته، وكانت العرب إذا تمرد الشرير منهم طردوه وأبعدوه عنهم لئلا يؤاخذوا بجرائره، وسموه لعيناً، وقول المصنف:(يَمِينُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ) أي على رمي زوجته (بِزِنىً) مخرجاً لرميها بمقدمات الجماع ونحو ذلك، فإنه لا لعان في ذلك، ومخرج أيضاً حلف الزوج على زوجته في الحقوق المالية، أو غيرها، وقال:(أَوْ نَفْيٍ نَسَبٍ) ليدخل فيه إذا نفى الولد، بل هذه الصورة هي المقصود الأهم من اللعان.
وقوله:(ويَمِينُ الزَّوْجَةِ عَلَى تَكْذِيبِهِ) كالمتمم لجميع صفات ماهية جميع اللعان، وأورد هذا على التعريف أنه غير جامع؛ لأن قوله:(يَمِينُ الزَّوْجِ) يخرج به لعان المطلق مع مطلقته، فإنه ليس بزوج في الحال، ولا يقال هو زوج باعتبار الماضي، لأن الإطلاق باعتبار الماضي، والاستقبال مجاز، كما قرر في أصول الفقه، وأجيب بأن هذا إنما هو إذا كان المشتق محكوماً به، كقولك: زيد مشرك، أو زان، أو قائم، أما إذا كان متعلق الحكم، كقولك: السارق يقطع، حقيقة مطلقاً، صرح بذلك جماعة من أهل الأصول. القرافي: ولو كان مجازاً، لكان قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}، و {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}، و {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}، وشبهها مجازات، باعتبار من اتصف بهذه الصفات في زماننا لأنه مستقبل باعتبار زمان الخطاب، ويلزم حينئذٍ أن يسقط الاستدلال بها، لأن الأصل عدم التجوز، ثم أحسن التعريفات ما كان فيه إشارة إلى سبب الحكم، فذكر الزوجة مشير إلى قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}[النور: ٦]، فكان ذكره حسناً، ولم يوجب خللاً.