الشِّرْكَةُ: إِذْنٌ في التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِما
هي بكسرِ الشين وسكونِ الراءِ، والإجماعُ على جوازِها مِنْ حيثُ الجملةِ، ورَسَمها المصنفُ بقوله:(إِذْنٌ في التَّصَرُّفِ) أي: أُذِنَ لصاحبهِ أن يتصرَّفَ مع نفسِه، فقولُه:(إِذْنٌ في التَّصَرُّفِ لَهُمَا) كالجِنْسِ.
(مَعَ أَنْفُسِهِما) فَصْلٌ أَخْرَجَ به الوِكالَةَ، قال في المقدمات، وهي مِن العُقُودِ الجائِزَةِ، لكلٍّ منهما أن ينفصلَ متى شاءَ إلا الشركةَ في الزَّرْعِ، ففي لزومِها خلافٌ؛ لتَرَدُّدِها بين الإجارَةِ والشركةِ، وسيأتي ذلك، ونحوهُ للَّخْمِيِّ، وخَرَّجَ قولاً - بلزومِها لأَوَّلِ نَضَّةٍ - من الشاذ في كراء المشاهرة أنه يلزم شهراً. قال: وأما إن أخرجا مالاً لأن يشتريا به شيئاً معيناً - فإنه يلزم إن لم يمكن كل واحد بانفراد شراؤه، أو أمكنه، ولكن اشتراؤهما أرخص، وإلا فقولان، وهما على الخلاف في شرط ما لا يفيد. وفي معين الحكام، الشركة تنعقد بالقول على المشهور من قول مالك وأصحابه، وكذلك قال ابن يونس: إنها تلزم بالعقد كالبيع، لا رجوع لأحدهما فيها كالبيع، بخلاف الجعل والقراض. ولعياض وابن عبد السلام نحوه.
ابن عبد السلام: الظاهر أنه لا مخالفة بينهم، ومراد ابن يونس وغيره أنها تلزم بالعقد باعتبار الضمان؛ أي: إذا هلك شيء بعد العقد يكون ضمانه منها، خلافاً لمن يقول: إنها لا تنعقد إلا بالخلط.
فإن قلت: يلزم من هذا مخالفة المدونة؛ لقوله: وإن بقيت كل صرة بيد صاحبها حتى ابتاع بها أمة على الشركة، فالأمة بينهما، والصرة من ربها. وقال غيره، لا تنعقد بينهما شركة حتى يخلطا. قيل: قد قيد اللخمي ذلك بما إذا كان في الصرة حق توفية وزن أو انتقاد، قال: وأما إن وزنت وانتقدت وبقيت عند صاحبها على وجه الشركة فضاعت - لكانت