مصيبتها منهما؛ لأن الخلط عنده ليس بشرط في الصحة. هذا نصه، وهو يدل لما قلناه، وأيضاً فلجعله الأمة بينهما، فاعلمه.
الْعَاقِدانِ كَالْوَكِيلِ والْمُوَكِّلِ
هذا شروع منه في بيان أركانها، يعني أن من جاز له أن يتصرف لنفسه - جاز له أن يوكل ويشارك؛ فلا يشارك العبد إلا أن يكون مأذوناً له، وكذلك غيره من المحجور عليهم، وشبهه المصنف بالوكيل والموكل؛ لأنه قد يشبه بما سيأتي، ويقرب من هذا هنا أن تأتي الوكالة أثر الشركة، واعلم أن كل واحد وكيل عن صاحبه، موكل له، وعلى هذا فيكون المصنف شبه كلا منهما بمجموع الوكيل والموكل.
فإن قيل: فقد قالوا: إن الذمي لا يوكل على المسلم فهل يتأتى هنا؟
قيل: لا يبعد؛ وقد قال ابن حبيب: لا ينبغي للحافظ لدينه أن يشارك إلا أهل الدين والأمانة، والتوقي للخيانة والربا والتخليط في التجارة، ولا يشارك يهودياً ولا نصرانياً ولا مسلماً فاجراً إلا أن يكون هو الذي يتولى البيع والشراء، وإنما للآخر البطش والعمل.
الصِّيغَةُ ما يِدُلُّ لَفْظاً أَوْ عُرْفاً
ابن عبد السلام: يعني أن الشركة لا تختص بلفظ معين، بل كل ما يدل عليها لغة أو عرفاً، أو ما يقوم مقام ذلك من الأفعال. وفي كلامه مسامحة؛ لأنه قابل اللفظ بالعرف، فإن أراد باللفظ ما هو أعم من اللغة والعرف، فكيف يجعل العرف قسيماً له، وإن كان مراده باللفظ ما أفاد في اللغة، وبالعرف ما أفاد من الألفاظ العرفية - فقريب، إلا [٥٥٠/ب] أنه يخرج عنه الفعل، وإن أراد بالعرف ما أفاد عرفاً أعم من أن يكون لفظاً أو غيره - ففيه من الإشكال أنه يكون قد فسر الصيغة بما هو أعم منها.