كلامه ظاهر التصور؛ وذلك لأنه إذا أخرج أحدهما مائة دينار، والأخر مثلها - فكأن كل واحد منهما باع نصف ما أخرجه بنصف ما أخرجه الآخر، لكنهما لم يتناجزا لبقاء يد كل واحد منهما.
وقلنا:(من غير مناجزة) لأن ذلك لو كان مناجزة لاكتفى به في الصرف، ولهذا - الذي أشار إليه المصنف - كان الأصل منعها في المال الذي ذكرنا لولا الإجمال الذي نبه عليه المصنف بقوله:
(كِلا الْجَانِبَيْنِ) أي: أن يخرج كل واحد منهما ذهباً، أو كل واحد ورقاً.
واحترز به مما لو أخرج أحدهما ذهباً والآخر ورقاً؛ لأنه ممنوع كما سيأتي، وعلى كلام المصنف يكون الإجماع على غير قياس، وأشار ابن عبد السلام إلى أن بقاء اليد لا يمنع من التناجز لاختلاف وجوه الضمان في ذلك بالجزء المبيع، ألا ترى أنه كام مضموناً قبل الشركة من البائع، وضمانه بعدها منهما، فيكون الإجماع منعقداً على مقتضى القياس، وإنما لم يكتف بهذا القدر في الصرف احتياطاً.
خليل: وفيه نظر؛ لأن بيع العين بالعين مصارفة بلا إشكال، والإجماع هنا جار على غير قياس. وقد صرح صاحب المقدمات وغيره بأن هذا الإجماع ليس بجار على قياس.
يعني: أن ابن القاسم قاس الطعامين المتفقين في الصفة على الدنانير والدراهم، والجامع حصول المناجزة حكماً لا حساً، فكما اغتفر هذا في الدنانير والدراهم - فكذلك يغتفر في الطعامين، ومنع ذلك مالك، ولأصحابه في الفرق أوجه: