عبر بالحرابة إشارة إلى أن الأصل هنا الآية الكريمة وهي قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَؤُا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ..}[المائدة: ٣٢] الآية. وهذا مذهب المحققين أن الآية محمولة على هذه الجناية، وقيل: نزلت في المشركين الحربيين، وقيل: في قوم كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فنقضوه، وال في العربيين ارتدوا في زمانه عليه الصلاة والسلام والصحيح الأول، ولو كان المقصود الكفار ما شرط في توبتهم كونها قبل القدرة عليهم، والمرتد ليس حده القطع والنفي.
وقوله:(كُلُّ ... إلخ)، ليس هو حداً ولا رسماً؛ لأن الحد للماهية من حيث هي، ولفظة (كُلُّ) فيها تعرض للأفراد.
وقوله:(تَتَعَذَّرُ الاسْتِغَاثَةُ) أي: معه، والكلية يلزم اطرادها ولكن يرد عليه غصب من لا يقدر علىدفعه من سلطان أو غيره أيضاً، فليس شرط المحاربة المال فقد قال ابن القاسم فيمن منع قوماً يخرجون إلى الشام أو مصر أو مكة: إنه محارب، ويجاب عن الأول بأن الغاصب ولو كان سلطاناً لا تتعذر الاستغاثة عليه، فإن العلماء أهل الحل والعقد يأخذون عليه، وعن الثاني أنه تكلم على الغالب، على أنه سيتكلم على ذلك بقوله:(وَمُخِيفِهَا ... إلخ)، والغيلة تدخل تحت هذه الكلية؛ لأن حقيقتها أن يخدع غيره ليدخله موضعاً ويأخذ ما معه، ولا يقبل قوله:(تَتَعَذَرُ مَعَهُ الاسْتِغَاثَةُ) ليس بجيد؛ لأن المسلوب يستغيث [٧٤٠/ب] سواء وجد مغيثاً أو لم يجد، فكان ينبغي أن يقول: تتعذر معه الإغاثة لأن استغاثة المعدوم ومن لا تنفع إغاثته كالمعدوم.
وقوله:(مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ) صفة لفعل؛ أي: فعل كائن من رجل أو امرأة، ونبه بقوله:(أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَامَنٍ) على من قال: إنها لا تكون إلا بين المسلمين، والله أعلم.