للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحوالة: نَقْلُ الدَّيْنِ إِلَى ذِمَّةٍ تَبْرَأ بِهَا الأُولَى

عياض وغيره: مأخوذة من التحول من شيء إلى شيء لأن الطالب تحول من طلبه لغريمه إلى غريم غريمه، وهي محمولة على الندب عند أكثر شيوخنا، وحملها بعضهم على الإباحة لما أشبهت بيع الدين بالدين، وعند أكثر مشايخنا مستثناة من الدين بالدين وبيع العين بالعين من غير يد بيد، كما خصت الشركة والتولية والإقالة من بيع الطعام قبل قبضه، وكما خصت العارية من بيع الطعام بالطعام نسيئة ومتفاضلاً، [٥٤٠/ب] لما كان سبيل هذه التخصيصات المعروف، وذهب الباجي إلى أنها ليست حكمها حكم البيع، ولا هي من هذا الباب، بل هي عنده من باب النقد، وذهب أهل الظاهر إلى وجوب القبول في الحوالة، لما رواه مالك وغيره «مطل الغني ظلم، فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع».

وأجيب بعد التسليم أن الأمر حقيقة في الوجوب لا الندب بأن هنا دليلاً يمنع من الوجوب؛ لأن صاحب الدين إنما عامل صاحب هذه الذمة: «والمؤمنون عند شروطهم» ولأن الحوالة مترددة بين البيع وفعل المعروف، وكلاهما غير واجب، ولأنه لو وجب لكان لكل من أحلت عليه أن يحيلك إلى ما لا نهاية له، أويحيلك على مليء ظالم، والأول مؤد للضرر، والثاني مؤد إلى إبطال الحق.

وأجيب عن هذا الوجه بأن المحال يلزمه قبول الحوالة، ما لم يكثر ذلك فتخرج صورة الضرر بالدلائل الدالة على نفي الضرر، كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» وقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع».

عياض: الصواب فيه تسكين التاء، وبعض المحدثين والرواة يشددها، يقال: تبعت فلاناً فأنا أتبعه، ساكن التاء، ولا يقال: اتبعه بفتح التاء وتشديدها إلا من المشي خلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>