الصَّيْدُ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ
لعله ذكر هذا الباب إثر كتاب الحج لقوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ([المائدة:٢].
وحكمة مشروعيته لمن حل من الإحرام التنبيه على أن العبد إذا امتثل أمر ربه وحبس نفسه عما نهى عنه, فإن المولى سبحانه وتعالى يكرمه ويحل له ما حرم عليه, ترى أن الخمر فى الدنيا حرام, فمن حبس نفسه عنها فى الدنيا فإن الله سبحانه يبيحها له فى الآخرة.
والإجماع على جوازه لمن كان عيشه ذلك.
والمشهور أن الصيد للهو مكروه, وأباحه ابن عبد الحكم, وروى ابن الماجشون ومطرف أن مالكاً استخف ذلك لأهل البادية إذ لا غنى لهم عنه, وكرهه فى حق أهل الحاضرة. ولا إشكال أنه تعرض له من حيث الجملة الأحكام الخمسة.
الصَّائِدُ, وَالْمَصِيدُ بِهِ، وَالْمَصِيدُ. الصَّائِدُ: كُلُّ مُسْلِمٍ يَصِحُّ مِنْهُ الْقَصْدُ إِلَى الاصْطِيَادِ فَلا يَصِحُّ مِنَ الْكِتَابِىِّ عَلَى الْمَشْهُورِ, وَالْمَجُوسِيِّ اتِّفَاقاً بِخِلافِ صَيْدِ الْبَحْرِ ...
أى: أركانه ثلاثة, ثم تكلم على الأول وذكر أن المشهور منع صيد الكتابى, واحتج على ذلك فى المدونة بقوله تعالى: (تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ (وفيه نظر؛ لأنه قد اختلف فى المراد بهذه الآية, فقيل: المراد بها إباحة الصيد, وقيل: منعه, واختاره اللخمى وغيره, وأن المراد الامتناع فى حال الإحرام, والابتلاء والاختبار أن يصبر عنه. ولقوله تعالى: (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ (ولقوله سبحانه: (فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ([المائدة: ٩٤]. والأقرب أم مراد المصنف بالشاذ الإباحة؛ لأنها التى تقابل المنع حقيقة. وهو قول ابن وهب وأشهب, واختاره الباجى, وابن يونس, واللخمى؛ لأنه من طعامهم إذ كل أمة تصيد, وقد أباح الله طعامهم, ويحتمل أن يريد الكراهة, وهو قول مالك فى الموازية وقول ابن حبيب وابن بشير. ويمكن حمل المدونة على الكراهة.