للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولك: عاجلني فعجلته، بمعنى سابقني فسبقته، وذلك ليس بمكسور الجيم. وإنما هو مفتوح. وأما أعجلته فمنقول من عجلت، أي أسرعت، أي استعجلته وهو دليل على ما قلناه في عجلت؛ لأن عجلت لو كان متعديا إلى مفعول، لكان أعجلته متعديا إلى مفعولين؛ لأن المنقول أبدا يكون له مفعول، لم يكن لما نقل عنه. وقال الله عز وجل: (ومَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى) فعدى الفعل إلى الكاف، ثم عداه بعد الكاف بحرف الجر؛ إذ كان أصله ألا يتعدى. ومما يزيد في الدلالة قول موسى عليه السلام: (وعَجِلْتُ إلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) فهذا جواب ما أعجلك، ولم يسأله الله عن سبقه القوم، وإنما سأله عن التعجل والسرعة في المجيء، وعن ذلك أجابه، لا عما لم يسأله. وعدى أيضاً قوله: عجلت إليك بحرف الجر، لا بنفسه. والفاعل من أعجلته: معجل، بكسر الجيم. والمفعول: معجل، بفتحها. والمصدر: الإعجال.

وأما قوله: مد النهر، ومده نهر آخر، / وأمددت الجيش بمدد، وأمدا لجرح، إذا صارت فيه المدة؛ فإن مد النهر غير متعد ليس بمعنى مده نهر آخر، متعدياً؛ لأن الذي لا يتعدى معناه: زاد النهر، أو طما أو زخر، ولذلك جاء على فعل، غير متعد. وأما الذي يتعدى فمعناه: كثر غيره وقواه ووصله، كقول الله عز وجل: (ولَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ والْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) وقال الشاعر:

ماء قريٍّ مده قريُّ

وليس هذا من باب زدته أنا وزاد هو، كما يقال: جبرته وجبر هو ونحو ذلك، لأن معنى اللفظتين في "مد" مختلف، ومستقبله: يمده. والفاعل ماد. والمفعول: ممدود، مثل قولك: مددت الحبل فهو ممدود، ومددت الحديث ومددت سيري، ونحو ذلك. وأما أمددت الجيش، فمنقول بالألف من قولك: مد النهر، من المدد، أي جعلت له مددا ومادة وزيادة. وقال الله عز وجل: (وأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ) وقال [تعالى]: (أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ) فلذلك تعدى إلى مفعول واحد بنفسه، ثم عداه إلى الآخر

<<  <   >  >>