اعلموا أنه لا معنى لذكره لهذا الباب، وإفراده إياه؛ لأنه لم يجعله أفعل، الذي ليس فيه فَعَل، ولا أفعَل، الذي هو بمعنى فَعَل، عند أهل اللغة، ولا ألحقه بالباب الذي قبله، فيكون أفعل منه بمعنى، وفعل بمعنى آخر، فكأنه إنما أراد تكثير الأبواب، أو كأنه لم يحصل الأبواب على ترتيب واستحسان، فهو باب مخلط بعضه من الباب الذي قبله، وبعضه مما يكون فيه فعَل وأفعل عند أهل اللغة بمعنى واحد، ومنه ما يستعمل منه أفعل، ولا يستعمل منه فعل، فإن كان جعله باب أفعل المخلط، فقد كان يجب أن يجعل الذي قبله معه، ويخلط أبواب الكتاب كلها به، حتى يكثر تخليطه، ولا يتكلف التفصيل والترتيب.
فمن ذلك أنه قال: أشكل علي الأمر، فهو مشكل، وفعل من هذا اللفظ مستعمل كقولك: شكلت الدابة، وشكلت الكتاب، ولم يذكرهما، وهما من الباب الذي قبله، وقال: أمر الشيء، إذا صار مرا، فذكر أفعل، ولم يذكر فعل، وهو قولهم: مر الرجل وغيره مرورا/ إذا ذهب، فإن كان إنما أراد أن يذكر ما أخطأت فيه العامة في أفعل منه فقالته بفعل، فقد كان يجب أن يجمع ذلك في باب واحد، ولا يفرقه في أبواب.
ومنه قوله: أسف الرجل للأمر، إذا دخل فيه، وليس ذلك كما قال. ولكنه إذا طمع فيه وأراده، ودنا منه وطلبه، فقد أسف إليه، وإن لم يدخل فيه. وهو مأخوذ من قولهم: أسف الطائر، إذا دنا من الأرض في طيرانه، وإن لم يقع بالأرض. وسففت، بغير ألف مستعمل، فلم يذكره.
* * *
ونحن مفسرون غريب هذا الباب، ومعانيه، على كل حال، وهذا تفسير ذلك:
أما قوله: أشكل علي الأمر، فهو مشكل، فإن معناه التبس الأمر واشتبه، وهو منقول