اعلموا أن عامة هذا الباب تشدده العامة، والعرب تخففه؛ فلذلك ذكره. ومن كلام العامة ما هو خطأ، ومنه ما هو جائز.
ونحن مبينون ذلك كله، إن شاء الله [تعالى].
أما قوله: فلان من علية الناس، يعني بكسر الأول وسكون الثاني. والعامة تقول: من علية الناس، بكسر اللام وتشديدها، وهو خطأ؛ لأن العلية جمع وليس بواحد، وهم رؤساء الناس وأعلاهم قدرا أو منزلة، وهو على فعلة جمع فعيل كالصبية/ جمع صبي، والولدة جمع وليد، والواحد منهم، علي، على وزن فعيل، فلو كان قول العامة مقدرا على فعيل مثل سكير وخمير لكان واحدا ولم يكن جمعا، وكان ذلك الواحد مؤنثا، فخالف المعنى، وقد زعم قوم أن الياء في علية، مخفف، وفي صبية، مبدلة من واو، لأنهما من علوت وصبوت، لكراهة الواو بعد الكسرة. وزعم آخرون أنها أصلية من الياء، من قولك: علي يعلى، كما قال الراجز:
لما علا كعبك لي عليت
وقيل أيضا: هو من علاوة الحداد، وهو السندان وأصلها الياء؛ ولذلك قيل للبعير الضخم: عليان، وللضبعان عليان، وهو ذكر الضباع، وليس إبدال الياء من الواو ولزوم الياء بعجب في كلامهم؛ لأنهم قد يفعلون ذلك.