للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: وهو المكاري، وهم المكارون؛ فإن العامة تقول: المكاري بتشديد الياء في الواحد، وفي الجماعة، مثل المكاريين، وهو خطأ، إلا أن يكون شيئا منسوبا إلى المكارى؛ لأن المكارى وزنه المفاعل، من: كاريته كراء ومكاراة مثل المجاري: من جاريته مجاراة وجراء، ومثل المنادي من ناديته مناداة ونداء، فهو مخفف، والجميع كذلك: مكارون ومجارون ومنادون؛ لأن الياء التي في المكاري تسقط في الجمع لسكونها، وسكون واو الجمع. ويقال للمكاري: الكري أيضا، مشدد الياء على فعيل، وهو الأجير والمستأجر جميعا، قال الراجز:

إن الكري والأجير والجمل مشتركون في العناء والعمل

ومعنى كاريته فاعلته من الكراء والاكتراء. وكان الأصل في الجمع: المكاريون، بضم/ الياء وكسر الراء، فأسقطت الضمة التي قبل واو الجمع في الياء، فحذفت فاجتمع ساكنان، فلما حذفت الياء، ضمت الراء من أجل واو الجمع التي بعدها. وأصل المكاري يحتمل أن يكون مأخوذا من الياء، من قولهم: كريت النهر، وأكريت الشيء إذا أخرته، وأن يكون من الواو لقولهم: أعط الأجير كروته، ومن قوله: امرأة كرواء، للطويلة الساق، ومنها قيل الكروان والكراء، يمد ويقصر، والوجه المد؛ لأنه مصدر، فاعلته فعالا.

وأما قوله: عنب ملاحي مخفف اللام، فإن العامة تشدد اللام، وتخفف الياء المشددة، وهو خطأ. إنما منسوب إلى ملاحة، أو ملاح، أو ملحة، وهو عنب ليس في حبه طول، غليظ القشر. وهو مأخوذ من الملحة، وهي البياض، ولكن نسب إليها على فعالي مثل السداسي والرؤاسي للمبالغة، وقال الشاعر:

ومن تعاجيب خلق الله غاطية يعصر منها ملاحي وغربيب

<<  <   >  >>