للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصحيح الباب السادس

وهو المترجم بباب فَعَلتُ وأَفْعلْتُ، باختلاف المعنى

قال أبو محمد: اعلموا أن أصل أفعلت إنما هو من فعلت؛ لأن الهمزة التي في أفعلت زائدة على فعلت. وهي تزاد قبله، لتعدية الفعل إلى ما لم يكن يتعدى إليه قبل الزيادة، وينقل الفعل من فاعله إلى مفعوله، فيجعله فاعلاً كما تكون الباء كذلك، إذا جاءت بعد الفعل، فتوصل الذي لا يتعدى إلى مفعول وينقل الفعل من فاعله إلى مفعوله فتجعله فاعلاً، كقولك: ذهب زيد وأذهبه غيره، أي جعله ذاهباً. وإن شئت قلت: ذهب به غيره في هذا المعنى، فتعد ى ذهب إليه بالباء، ولم يكن متعدياً، وتجعل الفعل لغيره وكذلك الهمزة، وكأن كل واحدة منهما عقيب للأخرى. وكذلك يقال: سقيته الماء وأسقيته. فسقيته فعل متعد، ومعناه أعطيته ماء يشريه، أو صببته في حلقه، فإذا قلت: أسقيته؛ بالألف، فمعناه أعطيته نهرا، أو بئرا، أو جعلت له حظا في الماء وشربا، فمعناها مختلف، وله وجوه كثيرة على هذا المعنى. وكذلك لو قلت: سقيته بالماء لكان معناه غير معنى سقيته الماء، إنما تريد أنك سقيته شيئاً بالماء أو أوصلت السقي إليه بالماء، ونحو ذلك.

وكذلك قوله: شرقت الشمس وأشرقت، إنما اختلف معناهما، بدخول الألف على ما قد فسرنا، فإذا لحقت هذه/ الألف، الفعل الماضي، فهي بمنزلة الفعل قبل لحوقها مفتوحة، كما يكون أول الماضي من الرباعي الأصلي، الذي لا زيادة فيه، مفتوحاً، مثل: دحرج، وقلقل. وتسقط هذه الألف من المستقبل كله؛ لأن همزة المضارعة التي هي علامة المتكلم، تدخل عليها، فتستثقل الهمزتان، فتحذف هذه الزائدة، وتترك علامة المتكلم، للحاجة إليها، إلا أن همزة المضارعة تكون مضمومة، كما تكون في المستقبل من الرباعي، الذي لا زيادة فيه مضمومة، كقولك: أنا أدحرج، وأقرطس، ثم تجري سائر الحروف المضارعة، مجرى الهمزة في الانضمام وفي سقوط الهمزة الزائدة بعدها، فيقاس: يُفعِل وتُفعِل ونفعِل، كما يقال: يُدحرج وتُدحرج ونُدحرج، والهمزة المحذوفة من اللفظ مقدرة في المعنى،

<<  <   >  >>