للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصحيح الباب الثاني والثلاثين

وهو المترجم بباب من الفرق

هذا باب قد صنف فيه متقدمو أهل اللغة والنحو كتبا كثيرة، وتبع "أحمد بن يحيى" آثارهم/ في إفراده له بابا. وقد كان يجوز أن يضيف كل كلمة إلى نظيرتها في بابها من الكتاب، فلم يفعل. وفي هذا الباب تلبيس من أهل اللغة وإيهام لما لا حقيقة له، وحظر لما أباحه قياس اللغة.

فمن ذلك قوله: هي الشفة من الإنسان، ومن ذوات الخف: المشفر، ومن ذوات الحافر: الجحفلة، ومن ذوات الظلف: المقمة والمرمة، ومن السباع: الخطم والخرطوم، ومن الخنزير: الفنطيسة، ومن ذي الجناح غير الصائد: المنقار، ومن الصائد: المنسر. فهذه عشرة أسماء مختلفة الحروف والحركات والأمثلة لعشرة أعضاء مختلفة الصور والمنافع وأكثر المعاني، وقد أوهمونا أنه عضو واحد؛ جعلت له عشرة أسماء مختلفة للفرق، بين ذوات هذه الأعضاء من الحيوان، ولبسوا عليه بذلك، وليس الأمر على ما قالوا؛ لأن الشفة لا تكون لغير الإنسان؛ لأنها عضو رطب رقيق، ينقبض ويتبسم ويومأ به ويشار إلى المعاني، ويقبل به ويلثم به ويمص وينفخ ويصفر وينطق بحروف من حروف المعجم، متحركة وساكنة، ومشددة ومخففة، ويحسو ويتمطق ويبصق وليس لسائر الحيوانات التي ذكروها مثل هذا العضو، ولا فيما سموا لها من الأعضاء شيء من هذه المعاني والأفعال، التي وصفناها، فمن الواجب ألا يكون اسمها كأسماء تلك التي شبهوها بها، وأن يسمى كل عضو منها بالاسم الموافق لمعناها وفعلها، وهو القياس، وما يوافق العقل؛ ولذلك قيل للإنسان: ذو شفة؛ لأنه يشافه بها مخاطبيه بما أراد من الخطاب، الذي هو خاص في

<<  <   >  >>