وهو المترجم بباب المكسور أوله، والمضموم، باختلاف المعنى
اعلموا أن هذا الباب أيضا من فساد الترتيب، وسوء التبويب، على حال ما قبله. ونحن مفسرون ما فيه، على نحو ما فسرنا غيره:
فمن ذلك قوله: الإمة: النعمة، والأمة: القامة، والأمة: القرن من الناس والجماعة، والأمة: الحين. وليست الإمة بالكسر النعمة، كما يفسرونها. ولكنها أشياء ترجع إلى معنى واحد؛ فمنها: إمامة الإمام في الصلاة، أو في المسجد، يقال: فلان أحق بإمامة هذا المسجد، أي بأن يؤم الناس ويصلي بهم. ومنها: الدين يقال: فلان حسن الإمة، أي حسن الدين. ومنه قول النابغة:
خلفت فلم أترك لنفسك ريبة وله يأثمن ذو إمة وهوطائع/
فأما من كسر الإمة في معنى النعمة، فعلى اتباع بناء النعمة، وهي النعمة أيضا بالفتح إلا أنها تفتح للمرة الواحدة، وتكسر لغير ذلك. وأما الأمة بالضم فأشياء كثيرة. وأصلهما جميعا أصل واحد. وهي: كل جماعة من الناس، كانوا قرنا أو لم يكونوا قرنا. ومنه قول الله تعالى:(ولَمَّا ورَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ)، أي جماعة، ولم يرد قرنا. وإنما سمي القرن من الناس أمة؛ لأنهم جماعة، فكل جماعة كانوا فمضوا، فهم أمة؛ لنهم قدوة لمن بعدهم من القرون وسلف يتبعونهم، كما يؤتم بالرجل الصالح، وتسمى أمة واحدة، كما قال الله [تعالى]: (إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ) لأن إبراهيم- عليه السلام- خالف قومه بالإسلام والحنيفية، وائتم به الأنبياء