للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصحيح الباب الخامس والعشرين

وهو باب ما أدخلت فيه الهاء من وصف المذكر/

أما قوله في ترجمة هذا الباب: "ما أدخلت فيه الهاء من وصف المذكر" فغلط فيه؛ لأن الهاء ليست وصفا لشيء من الأسماء في شيء من الكلام، لا لمذكر ولا لمؤنث وإنما تدخل في الاسم والصفة بدلا من علامة التأنيث فيهما. وإنما هي حرف معنى، تزاد في الوقف. وقد شرحنا ذلك في مواضع.

ونحن نفسر جميع ما ذكر في هذا الباب، كما فسرنا ما سواه:

أما قوله: تقول رجل راوية للشعر، ورجل علامة، ونسابة، ومجذامة، ومطرابة ومعزابة؛ وذلك إذا ما مدحوه، كأنهم أرادوا به داهية. وكذلك إذا ذموه فقالوا: رجل هلباجة، ورجل فقاقة وجخابة، في حروف كثيرة، كأنهم أرادوا به: بهمية؛ فإن الراوية: اسم من أسماء الفاعلين الجارية على أفعاليها، على غير معنى المبالغة، تقول: روى الحديث والشعر وغير ذلك، يرويها فهو راو، ولكن أدخلت فيه الهاء، علامة التأنيث للبالغة في النعت، لا لغير ذلك؛ ولهذا اشترك المذكر والمؤنث فيه، وليس هذا للمذكر خاصة دون المؤنث كما زعم. بل هو لهما جميعا؛ لأن المرأة قد تكون رواية، لما يروي الرجل، وتكون أيضا أروى منه، إلا أنه في المؤنث على ضربين: أحدهما على معنى المبالغة في النعت، كالمذكر. والآخر على تأنيث المرأة لا على المبالغة في الرواية كقولك: روت تروي فهي رواية، والأصل في هذا من الري من الماء، يقال: روى فلان من الماء ونحوه، يروي ريا، وأرويته أنا أرويه. وقيل للجمل: راوية؛ لما يحمل عليه من الماء، ويروى به الناس وغيرهم. وشبه راوية الأخبار والشعر براوية الماء فيقال: روى فلان الشعر، ورويته إياه. فأما علامة ونسابة؛ فمن أسماء أبنية المبالغة في النعت، التي لم تجر على أفعالها وإن كان لها في/ الاشتقاق أصل منها، وزيدت عليها علامة التأنيث للزيادة في المبالغة، والمذكر والمؤنث

<<  <   >  >>