هذا الباب مما تقدم لكل كلمة منها نظائر، وقد كان يجب أن يضم بعضها إلى بعض في أبوابها، ولا يفرد لها بابا، ويسميها حروفا منفردة.
ونحن مبينون ما يجب تبيينه، كما بينا ما قبله:
أما قوله: أخذت لهذا الأمر أهبته؛ فإن الأهبة على بناء الفعلة، وهي ما يتأهب به للسفر، أو للحرب، أو لغير ذلك، أي يستعد له، وكذلك الفعلة في كل شيء بناء ما يفعل به، وقد تقدم تفسير ذلك. والألف في الأهبة همزة أصلية. وقولهم: تأهبت للأمر، على بناء تفعلت له، مثل تحزمت له، واستعددت له؛ فأنا متأهب تأهبا. وكأنه مأخوذ من الإهاب، وهو الجلد، لأنه مثل قولهم: لبست له جلد النمر، ونحوه. والعامة تقول: أخذت للأمر هبته؛ فتحذف الهمزة، وترد ضمتها على الهاء، وهي لغة رديئة، بمنزلة قولهم: الحنة للعداوة والحقد، وإنما هي الأحنة، بالهمز. وقد أجازهما الخليل وغيره، وجاءا في الشعر.
وأما قوله: أبعد الله الأخر، قصيرة الألف، فمعناه الغائب؛ أي المتاخر، هكذا فسره "الخليل". وهو كلام ينزه به المخاطب، ويكنى فيه عن اسمه، وذلك أن يقول الرجل للرجل: رأيت فلانا، وقد قتل أو صلب، فقلت له: أبعد الله الآخر، أي قلت له: أبعدك الله، فكره اللفظ بالكاف، فتصير كأنه يعني المخاطب بها، فوضع قوله الآخر