هذا الباب مما كان يجب تفريقه في الأبواب المتقدمة، التي تلحن فيها العامة، مع ما تشبه كل كلمة منه، ويستغنى بذلك عن إفراده هذا الباب لغير معنى.
ونحن مفسرون ذلك، على حسب ما فسره، إن شاء الله [تعالى]:
أما قوله: تقول: "إذا عز أخوك فهن" فإنه مثل للعرب تضربه على وجوه، وتضعه على مواضع كثيرة، وتفسيره أيضا يتصرف على معان، يقال: إن معنى قولهم: "فهن" من الهوان، مأخوذ على الاستعارة لا على الحقيقة؛ لأنه ليس يراد به: كن هينا، ولكن يراد به: إذا اشتد أخوك فلن له، أي إذا صعب وتعسر، فتسهل له؛ لتدوم الأخوة بينكما. ويجوز أن يكون معناه: إذا صار عزيزا، أي ملكا غالبا قويا عليك فأطعه وتذلل عليه، تسلم عليه، ولا يطلمك بعزه. ويجوز أن يكون من العون، وهو السكون والهدو، من قول الله تعالى:(وعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا) أي يمشون على هينتهم وسكونهم، يقول: إذا تجبر أخوك عليك وتكبر فتواضع أنت: لتكون أفضل منه، ولا يكون هذا من الوهن والضعف؛ لأن فعل الوه: وهن يهن، بكسر الهاء من المستقبل، والأمر منه: فهن، بكسر الهاء مثل: عد وزن. وهذا إنما هو: فهن، بضم الهاء، أي إذا أساء أخوك خلقه فحسن أنت خلقك والعامة تقول: إذا/ عز أخوك فأهنه، وهو خطأ وضد المعنى./